409

Al-Kāmil fī al-lugha waʾl-adab

الكامل في للغة والأدب

Editor

محمد أبو الفضل إبراهيم

Publisher

دار الفكر العربي

Edition

الطبعة الثالثة ١٤١٧ هـ

Publication Year

١٩٩٧ م

Publisher Location

القاهرة

نطيع نبيّنا ونطيع ربًا ... هو الرّحمن كان بنا رؤوفا
وقد قرىء: ﴿واللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾ ١، و﴿رَؤُوفٌ﴾ أكثر، وإنما هو من الرّأفة، وهي أشدّ الرّحمة، ويقال: "رآفةٌ" وقرىء: ﴿وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ﴾ ٢، على وزن الصّرامة والسّفاهة.
وقوله:
إذا بعض السّنين تعرّ قتنا
يفسر على وجهين: أحداهما: ان يكون ذهب إلى بعض السنين سنون، كما قال الأعشى:
وتشرق بالقول الذي قد أذعته ... كما شرقت صدر القناة من الدّم
لأن صدر القناة قناةٌ، ومن كلام العرب: ذهبت بعض أصابعه، لأن بعض الأصابع إصبع، فهذا قول.
والأجود أن يكون الخبر في المعنى عن المضاف إليه، فأقتحم المضاف إليه توكيدًا، لأنه غير خارج من المعنى، وفي كتاب الله ﷿: ﴿فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾ ٣ إنما المعنى: فظلّوا لها خاضعين، والخضوع بيّن في الأعناق، فأخبر عنهم، فأقحم العناق توكيداٌ. وكان أبو زيد الأنصاريّ يقول: أعناقهم جماعاتهم، تقول: أتاني عنقٌ من النّاس، والأول قول عامّة النحويين. وقال جرير:
لما أتَى خبرُ الزبيرِ تواضعتْ ... سورُ المدينةِ والجبالُ الخشعُ
وقال أيضاَ:
رأت مرَّ السنينَ أخذن مِنِّي ... كما أخذ السرارُ من الهلالِ
وقال ذو الرمة:
مشينَ كما اهتزت رِماح تسفهت ... أعاليها مرُّ الرياح النواسم٤

١ سورة البقرة ٢٠٧.
٢ سورة النور ٢.
٣ سورة الشعراء ٤.
٤ زيادات ر: "زعم بعضهم أن البيت مصنوع، والصحيح فيه: مرضى الرياح النواهم، المرضى: التي تهب بلين".

2 / 105