252

al-Kamil fi l-lugat wa-l-adab

الكامل في للغة والأدب

Investigator

محمد أبو الفضل إبراهيم

Publisher

دار الفكر العربي

Edition Number

الطبعة الثالثة ١٤١٧ هـ

Publication Year

١٩٩٧ م

Publisher Location

القاهرة

قلت العاقل فجعلته نعتًا لزيد، أو نصبته على المدح وهو بإظمار أعني، وإن شئت رفعت على أن تبدله من المضمر في الفعل، وإن شئت كان على قطع وابتدءٍ، كأنك قلت إن زيدًا قام، فقيل من هو فقلت: العاقل، كما قال الله ﷿: ﴿قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ﴾ ١، أي هو النار والآية تقرأ على وجهين على ما فسرنا: ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾ ٢ وعلام "الغيوب".
وقوله:
وما عاجلات الطير تدني من الفتى ... نجاحًا............................
يقول: إذا لم تعجل له طير سانحةٌ فليس ذلك بمبعدٍ خيرًا عنه، ولا إذا أبطأت خاب، فعاجلها لا يأتيه بخير، وآجلها لا يدفعه عنه، إنما له ما قدر له، والعرب تزجر على السانح وتتبرك به، وتكره البارح وتتشاءم به، والسانح: ما أراك مياسره فأمكن الصائد، والبارح: ما أراك ميامنه فلم يمكن الصائد، إلا أن ينحرف له، وقد قال الشاعر:
لا يعلم المرء ليلًا ما يصبحه ... إلا كواذب مما يخبر الفال
والفال والزجر والكهان كلهم ... مضللون، ودون الغيب أقفال
وقوله:
ورب أمورٍ لا تضيرك ضيرة ... وللقلب من مخشلتهم وجيب٣
فإن العرب تقول: ضارة يضيرة ضيرةً، ولا ضرر عليه، وضره يضره، ولا ضرر عليه [ولا ضر عليه] ٤، ويقال أصابه ضر بمعنى، والضر مصدر، والضر اسم، وقد يكون الضر من المرض، والضر عامًا، وهذا معنى حسن، وقد قال أحد المحدثين، وهو إسماعيل بن القاسم أبو العتاهية:
وقد يهلك الإنسان من باب أمنه ... وينجو بإذن الله من حيث بحذر

١ سورة الحج ٧٢.
٢ سورة سبأ ٤٨.
٣ المخشاة: الخشية: والوجيب: خفقاق القلب واضطرابه.
٤ الزيادة من س.

1 / 255