Kam Cumr Ghadab
كم عمر الغضب؟: هيكل وأزمة العقل العربي
Genres
يكتب هيكل على لسان السادات، في حملة الدعاية التي شنها لدعم مركزه بعد الحركة: «إن لدي الشجاعة أن أقف أمام الملأ وأقول بأعلى صوت، إنني لا أريد أن أكون رئيسا لهذا البلد وفق شروط يمليها من يدعون أنهم ولاة الأمر علي، إنني أعمل بضميري ولن أعمل بإملاء أحد علي، وأقوى سلاح أملكه في يدي أنني لا أتمسك بأن أظل رئيسا.» «كان أنور السادات في هذه الساعة الحاسمة من التاريخ هائلا بأكثر مما يستطيع أن يتصور أو يصف أحد، كانت قراراته لمواجهة التطورات المفاجئة، مزيجا مدهشا من الهدوء والحسم.» «كانت لحظة حاسمة في تاريخ مصر ... وكانت لحظة رائعة نبيلة.»
1
يتحدث هيكل عن انتصار ذلك الذي قال عنه فيما بعد، إنه تولى الحكم بصدفة تاريخية غير مقصودة، فيقول: «عشنا المحنة مرتين في السنوات الأخيرة، ولولا عناية الله مع جمال عبد الناصر مرة (يقصد أيام تمرد عبد الحكيم عامر بعد الهزيمة)، وعناية الله مع أنور السادات مرة ثانية؛ لسقطت مصر في أعماق الظلام والخوف.»
يصف هيكل الحوار الذي كان يدور بين السادات وخصومه فيقول: «كان أنور السادات صادقا، ولم يكونوا صادقين.» «كان أنور السادات يتصرف على سجيته؛ سجية مصري أصيل مفتوح القلب والعقل معا.» «حدثت المعجزة في المرة الثانية التي استفقنا الآن من هولها؛ بسبب أن مواطنا تحرك ضميره، فذهب بأشرطته في الليل إلى رئيس الجمهورية يضع الحقيقة تحت تصرفه، ثم كانت بعد ذلك شجاعة رجل في موقع المسئولية الأولى، تصرف بجرأة نادرة في لحظات خطر محيق.»
2 «قال الرئيس السادات بلهجته الودودة: محمد ... ودار بيننا نقاش طويل كان فيه الرئيس كريما وحليما كعادته.»
3 «هذه المرحلة التي ستجعل من أنور السادات - بإذن الله - قائدا تاريخيا لشعبه وأمته؛ لأن القيادة التاريخية مرتبة أعلى بكثير من الرئاسة مهما كان وصفها.»
4 «لقد أثبت أنور السادات ذلك عمليا في معركته ضد مراكز القوى، كان أمامها أعزل من أي سلاح ... وكانوا أمامه ومعهم كل أدوات السلطة في مصر، وكنسهم من فوق الأرض كنسا؛ لأن الجماهير كانت معه.»
5
ويصل الأمر بهيكل إلى حد أن يمتدح في السادات نفس المظاهر التي هاجمه من أجلها فيما بعد في «خريف الغضب»، فنشاط السادات السياسي في شبابه، الذي وصف في «الخريف» بأنه عمالة للقصر، وفقره العائلي الذي وصف بأنه سبب عقدته النفسية وعلة تكالبه على مظاهر الترف، كان لهما وصف مختلف تماما في عام 1972م: «كان أنور السادات أكثر ما يكون أمانة حين قال: إنني أفهم ما يعانيه الشباب، وأنا الذي خرجت من طين مصر إلى التمرد، وإلى السجن وإلى التشرد، ثم إلى الثورة.» ويواصل هيكل كلامه قائلا: «يقول أنور السادات نفسه: كنت دائما من قاع السلم الاجتماعي في مصر، من قلب الطين، ولقد تعلمت بمعجزة، وعندما أتممت تعليمي وجدت أن العمل الوطني أهم بالنسبة لي من أي وظيفة مع حاجتي الشديدة إلى مرتبي ... وجدت نفسي في السجن، متهما بالتعاون مع الألمان، وكان ذلك صحيحا، ولكن تعاوني مع الألمان لم يكن من أجل هتلر وإنما من أجل مصر.»
6
Unknown page