77

Kalilat wa-Dimnat

كليلة ودمنة

Publisher

المطبعة الأميرية ببولاق - القاهرة

Edition Number

السابعة عشرة ١٣٥٥ هـ

Publication Year

١٩٣٦ م

Publisher Location

١٩٣٧

Genres

Rhetoric
ثم نظرت في الذي أكابده من احتمال النسك وضيقه؛ فقلت: ما أصغر هذه المشقة في جانب روح الأبد وراحته. ثم نظرت فيما تشره إليه النفس من لذة الدنيا، فقلت: ما أمر هذا وأوجعه، وهو يدفع إلى عذاب الأبد وأهواله! وكيف لا يستحلي الرجل مرارةً قليلةً تعقبها حلاوةٌ طويلةٌ؟ وكيف لا تمر عليه حلاوةٌ قليلةٌ تعقبها مرارةٌ دائمةٌ؟ وقلت: لو أن رجلًا عرض عليه أن يعيش مائة سنةٍ، لا يأتي عليه يومٌ واحدٌ إلا بضع منه بضعةٌ؛ ثم أعيد عليه من الغد؛ غير أنه يشرط له، أنه إذا استوفى السنين المائة، نجا من كل ألم وأذى، وصار إلى الأمن والسرور، كان حقيقًا ألا يرى تلك السنين شيئًا. وكيف يأبى الصبر على أيام قلائل يعيشها في النسك، وأذى تلك الأيام قليلٌ يعقب خيرًا كثيرًا؟ فلنعلم أن الدنيا كلها بلاءٌ وعذابٌ. أوليس الإنسان إنما يتقلب في عذاب الدنيا من

1 / 85