Judging a Thing is Based on Understanding It
الحكم على الشيء فرع عن تصوره
Publisher
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
Edition Number
السنة الرابعة عشرة،العدد الخامس والخمسون والسادس والخمسون
Publication Year
رجب- ذو الحجة ١٤٠٢هـ/١٩٨١
Genres
التنزيه وقوله: ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ يعني إثبات السمع والبصر على ما يليق بالله، لا على ما يليق بالمخلوق.
وهكذا نقول في جميع صفات الله الواردة في الكتاب والسنة قبل أن نتجاوزهما كما أسلفنا.
ومن الصفات ما ذكرنا من العلم والحلم والحكمة والعزة وما لم نذكره من الصفات الثابتة في القرآن والحديث.
ومما أثبت الله لنفسه في كتابه: اليد، والوجه، والمجيء لفصل القضاء يوم القيامة، والإستواء على عرشه.
وموقفنا من هذه الصفات هو عين موقفنا من الصفات السالفة الذكر من السمع والبصر وغيرهما، أي كما أثبتنا سمعا وبصرًا يليقان به لا كسمع المخلوقين وبصرهم.
كذلك نثبت له يدًا تليق به لا كأيدي المخلوقين، ووجها لا كوجوههم واستواء يليق به لا كاستواء المخلوق، ومجيئًا يليق به لا مجيء المخلوق وإذا خطر لك خاطر وأنت تتلو الآيات الكريمة التي تتحدث عن هذه الصفات كقوله تعالى: ﴿مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ﴾ وقوله تعالى: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ وقوله تعالى: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ وقوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ أو مررت وأنت تتصفح كتابًا من كتب الحديث، بحديث صحيح يقول فيه الصادق الأمين محمد عليه من ربه أَفضل الصلاة وأزكى التسليم: "ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة إذا بقي الثلث الآخر من الليل" الحديث، أو مررت بغيره من أحاديث الصفات التي قد تكون غريبة عليك فأول خطوة تخطوها أَن تبحث عن صحة هذه الأحاديث إما بالمراجعة الفاحصة والواعية في المراجع المعتبرة أو بسؤال أهل العلم والفقه في الدين إذا كنت لا تقوى على المراجعة.
وإذا تأكدت من ثبوت النصوص لم يبق أمامك إلا أَن تقول أمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله وأمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله وكفى. هذه العبارة تروى عن الإمام الشافعي ﵀.
ثم إياك وإياك أَن تخوض في صفات الله بالتأويل والتحريف أو بالتشبيه والتجسيم، بل تثبتها على ضوء الآية السابقة ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ وقوله تعالى: ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ وقوله ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ لأن الصفات كلها من باب واحد ولا يجوز التصرف في صفات الله بالعقل المحض على خلاف النصوص بإثبات بعضها وتأويل البعض الآخر كما فعلت الأشاعرة الكلابية، حيث أثبتوا صفات الذات كالقدرة والإرادة، والسمع
1 / 273