173

Majallat al-Buḥūth al-Islāmiyya

مجلة البحوث الإسلامية

Genres

قوله، وأن يكون معه في معنى التلميذ والتبع؛ لأنه أظهر أن جواب السابق في صورة من يشهد له هو بالصحة، أو بالصواب من جهة الثاني، وهذه أدنى الرتب لخلو اللفظ عن التعظيم بالكلية.
هذا من حيث اللفظ.
وأما من حيث الموضع الذي يكتب فيه، فإن اتضع، كتب خطه تحت خط الأول، وإن ترفع، كتب قبالته في يمين الخط أو شماله، وكذلك الجهة اليمنى أشرف من الجهة اليسرى، فالمتواضع يضع في اليسرى، والذي لا يقصد التواضع، ويقصد التعظيم للجهة اليمنى لكونها يمنى يضع فيها ".
* * *
خاتمة
كان للواقع الذي تعيشه الأمة الإسلامية في أفرادها، ومن يتصدر للفتيا في دين الله، سبب قوي جعلني أفكر في موضوع هذا البحث، وأطلب العون من الله في استجلاء كثير من حقائقه كما كان لبعض جوانبه أثر في نفسي أقوى من الجوانب الأخرى، تلك هي ما يتصل بالأسس الأصيلة، التي ينبنى عليها تكوين المفتي، والمطالب الهامة التي ينبغي أن يتصف بها ويترسمها في حياته العامة وأثناء قيامه بمهمة الفتيا، والمكانة العظيمة التي قد منحها مما يدل على عظم شأنه، وعلو منزلته.
لذلك حاولت - بقدر ما أمدني الله به من عون - أن أستجلي من هذه الجوانب ما رأيته في المنزلة الأولى بين جوانبه المتعددة.
ومن هنا جاء البحث قائما على الحقائق التالية:
الحقيقة الأولى: أن قدمت له بتمهيد؛ بينت فيه مكانة هذا البحث في ميدان البحوث العلمية، والمدى البالغ لأهميته في عصرنا الحاضر؛ حيث فشا الجهل في أفراد الأمة بأحكام دينها وصار الكثير ممن يتصدر الفتيا لا ينطبق عليهم ما هو مشترط لمن يتصدى لهذا المنصب العظيم.
الحقيقة الثانية: أن أوضحت معناه في اللغة، وعرضت الخلاف بين العلماء في تعريفه اصطلاحا، ورجحت بالأدلة ما تبين لي رجحانه، وذيلت هذه الحقيقة بعرض لأقسام المفتين، وتعريف مختصر بهم.
الحقيقة الثالثة: أن بينت المنزلة الرفيعة التي يحتلها المفتي؛ حيث كان قائما مقام النبي ﷺ في وراثته لعلم الشريعة منه ﷺ، وإبلاغها للناس، وتعليمها للجاهل بها، والإنذار بها، وأقمت الأدلة الناصعة لذلك من الكتاب العزيز، والسنة المطهرة.

1 / 175