الفصل الحادي عشر
حادثة دكتور لانيون الغريبة
عرض البوليس تقديم مكافأة تبلغ آلاف الجنيهات لمن يعثر على قاتل سير دانفرز كارو. غير أن مستر هايد لم يعثر عليه في أي مكان، وكأنه قد اختفى من وجه الكرة الأرضية. لم يلمحه أي شخص منذ ليلة الجريمة المروعة. غير أن هايد بات حديث المدينة بلا شك. وفي كل زاوية شارع ومكتب ومنزل كان الناس يتناقلون الحكايات الشريرة التي تروي وحشيته وأفعاله الشريرة، وكانت كل حكاية أشنع من سابقتها.
رأى أترسون أن هذه قضية وحشية أكثر من غيرها. لكن الأمر المثير للغرابة، أن مقتل رجل ما، سير دانفرز، نجم عنه انتعاش معنويات رجل آخر؛ فقد خرج دكتور جيكل من مكمنه، وأخذ يلتقي الأصدقاء القدامى مرة أخرى، ويقيم الحفلات في منزله ويحضر المناسبات الاجتماعية. لاحظ أترسون أيضا أن جيكل بات أكثر تدينا؛ فطالما كان الطبيب رجلا خيريا، لكنه فجأة بات أكثر انشغالا بالصلوات وحضور الكنيسة. بدا جيكل طيلة شهرين يتمتع بوافر الصحة والسعادة. وعلق كثيرون على أنه كم يبدو هانئ البال وفي حالة سلام.
أقيم حفل العشاء الذي أعلن عنه في الدعوة اللافتة للنظر في الثامن من يناير/كانون الثاني. وكان كل من مستر أترسون ودكتور لانيون من بين المدعوين، ولاحظ كلاهما السعادة الغامرة على وجه مضيفهما طيلة الأمسية. وكان من الجلي أنه سر بأن يقضي الأمسية مع اثنين من أقدم أصدقائه، قطعا كان يذكر متى كان ثلاثتهم أفضل أصدقاء. شعر أترسون بسعادة مألوفة له، لقد كان على قناعة بأن الحياة عادت لمجراها.
غير أنه في الثاني عشر من يناير/كانون الثاني - وأيضا في الرابع عشر من نفس الشهر - أغلق باب دكتور جيكل أمام الزوار. وفي كلتا الليلتين عرج عليه أترسون بدون سابق إخطار، وأخبره بول أن الطبيب لا يرغب في رؤية أحد، وعندما صرف أيضا في الخامس عشر من نفس الشهر، بدأ القلق يستبد بأترسون. لقد عاد جيكل إلى عادته القديمة في الاختفاء. وتذكر أترسون الأيام التي كان يسيطر فيها هايد على صديقه. غير أن هذه المرة كانت أسوأ، إذ لم يكن من المألوف أن ينعزل تماما. قرر أترسون أن يزور دكتور لانيون. فلعل الطبيب الطيب يقدم له نصيحة ما.
أدخل أترسون إلى حجرة دكتور لانيون. وصدم مما وجد؛ ثمة مكروه ألم بلانيون، فقد كان شاحبا وعليلا وبدا كأنما على شفا الموت، لقد بدا لانيون وكأنه تقدم في العمر ثلاثين عاما طيلة الأسبوع منذ أن رآه أترسون آخر مرة.
قال أترسون فيما اقترب من صديقه: «يا إلهي، يا لانيون!» ثم انحنى إلى جانب مقعد صديقه وأمسك بيده. وكان أترسون قد جاء بغرض إنقاذ أحد الأصدقاء، وقد صدمه التفكير في أنه قد يضطر أن يقلق من أجل إنقاذ صديقين وليس واحدا. قال أترسون: «ما الذي اعتراك؟ كيف صرت عليلا هكذا؟»
هز لانيون رأسه وقال: «لا. أنا لست عليلا. لقد صدمت صدمة عنيفة، لكنها ستكون نهايتي. إن أيامي معدودة.»
سأله أترسون: «جيكل مريض أيضا. هل رأيته؟»
Unknown page