Al-Jawhar al-shaffāf al-multaqaṭ min maghāṣāt al-Kashshāf
الجوهر الشفاف الملتقط من مغاصات الكشاف
Genres
فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين(39)قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر قال كذلك الله يفعل ما يشاء(40)قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار(41) {فنادته الملائكة} قيل: ناداه جبريل وإنما قيل الملائكة لأن جبريل من أعظمهم فكان ندائه ندائهم {وهو قائم يصلي في المحراب إن الله يبشرك} من البشارة وهي الإخبار بما يسر {بيحيى مصدقا بكلمة من الله} يعني مصدقا بعيسى ويؤمن به قيل: هو أول من آمن به وسمي عيسى كلمة لأنه لم يوجد إلا بكلمة الله وحدها وهي قوله كن من غير سبب، {وسيدا} السيد الذي يسود قومه أي يفوقهم فيالشرف، وكان يحيى فائقا للناس كلهم في أنه لم يرتكب شبهة قط، ويالها من سيادة {وحصورا} الحصور الذي لا يقرب النساء حصرا لنفسه أي منعا لها من الشهوات، وقيل: هو الذي لا يدخل في اللعب واللهو وقد روي أنه مر وهو طفل بصبيان فدعوه إلى اللعب فقال: ما للعب خلقت {ونبيا من الصالحين} أي: ناشئا من الصالحين لأنه كان من أصلاب الأنبياء وكائنا من جملة الصالحين {قال ربي أنى يكون لي غلام} استبعاد من حيث العادة لما هو عليه من الكبر {وقد بلغني الكبر} يعني: أثر في الكبر وأضعفني وكانت له تسعة وتسعون سنة {وامرأتي عاقر} لا تلد مثلها في العادة، وكان لها يومئذ ثمانية وتسعون سنة {قال كذلك الله يفعل ما يشاء} أي: يفعل ما يشاء من الأفعال العجيبة مثل ذلك الفعل وهو خلق الولد بين الشيخ الفاني والعجوز العاقر، أو يفعل ما يريد من الأفاعيل الخارقة للعادات، {قال ربي اجعل لي آية} أي: علامة أعرف بها إذا جائت من الشكر {قال آيتك ألا تكلم الناس} بها الحبل لا تلقى النعمة أي لا تقدر على تكلمهم بثلاثة أيام وإنما خص بتكليم الناس ليعلمه أنه يحبس لسانه عن القدرة على تكليمهم خاصة مع بقاء القدرة على التكلم بذكر {إلا رمزا} أي: إلا إشارة بيد أو رأس أو غيرهما {واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار} يعني في أيام عجزك [149{عن تكلم الناس وهي من الآيات الباهرة وحبس لسانه عن كلام الناس لتخلص المدة لذكر الله لا يشتغل لسانه بغيره توقرا منه على قضاء حق تلك النعمة الجسيمة وشكرها الذي طلب الآية من أجله، كأنه لما طلب الآية من أجل الشكر قيل له آتيك أن تحبس لسانك إلا عن الشكر وفي الآية دليل على فضل الصمت إلا من ذكر الله.
Page 284