Jawhar Shaffaf

Ibn Hadi d. 810 AH
104

Jawhar Shaffaf

الجوهر الشفاف الملتقط من مغاصات الكشاف

الثالث: الخوف من ركوب الخطايا والذنوب بها فإن ذلك محظور وبالتحري أن يورث مقت الله تعالى لشرف الموضع روي عن وهيب من الورد المكي قال كنت ليلة في الحجر أصلي فسمعت كلاما بين الكعبة والأستار يقول إلى الله تعالى أشكو ثم إليك يا جبريل ما ألقى من الطائفين حولي من تفكههم في الحديث ولغوهم لإن لم ينتهوا عن ذلك لأنتفضن انتفاضة يرجع كل حجر مني إلى الجبل الذي قطعت منه.

وقال ابن مسعود: ما من بلد يؤخذ العبد فيه بالهمة قبل العمل إلا مكة ويلي قوله عز وجل {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم} أي: أنه على مجرد الإرادة والسيئات تضاعف بها كما تضاعف الحسنات، وكان ابن عباس يقول الاحتكار بمكة من الإلحاد في الحرم.

وقال: ابن عباس لأن أذنب سبعين ذنبا يركبه أحب إلي من أن أذنب ذنبا واحدا بمكة وركبه منزل بين مكة والطائف ولذلك الخوف انتهى الحال ببعض المقيمين إلى أن لم يقض حاجته في الحرم بل كان يخرج إلى الحل عند قضا الحاجة، وبعضهم أقام شهر [57]وما وضع جنبه على الأرض وللمنع من الإقامة حرم أكثر العلماء أجور دور مكة.

قال: الغزالي لأن تظنن أن كراهة المقام تناقض فضل البقعة لأن هذه كراهة علتها ضعف الخلق وقصورهم عن القيام بحق الموضع فمعنى قولنا أن ترك المقام بها أفضل أي: بالإضافة إلى مقام مع التقصير والتبرم، فلما أن يكون أفضل من المقام مع الوفاء بحق البقعة فهيهات وكيف لا ولما عاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى مكة استقبل الكعبة وقال: ((إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ولو أني أخرجت منك ما خرجت)) رواه احمد وابن ماجة والترمذي وصححه وكيف لا والنظر إلى البيت عباده والحسنات بها متاضعفة.

وعن ابن عباس قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمكة ما أطيبك من بلد وأحبك إلي ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك)) رواه الترمذي وصححه.

Page 112