211

ودعوته صلى الله عليه وسلم لم تختلف عن دعوات النبيين من قبله في حيثية الاتجاه بها إلى جميع من أرسل إليهم، سواء من وفق لقبولها منهم ومن لم يوفق، وقد أرسل الله موسى وهارون - عليهما السلام - برسالة الحق إلى فرعون الكافر العنيد، الذي سبق في علم الله أنه سيموت على كفره وضلاله، وأمرهما أن يقولا له قولا لينا، وبين هذا القول اللين قوله تعالى:

فقل هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى

[النازعات: 18 - 19].

وهكذا كانت رسالات جميع المرسلين إلى أقوامهم كما هو واضح لمن تدبر القرآن، وليت شعري ما هو الفارق بين دعوة الأعيان ودعوة المجموعة، على أن الدعوة هي تكليف إلهي للرسل يجب عليهم القيام بها مع غض النظر عما يكون من عاقبة أمرها.

ولأجل ذلك أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يحط عن صدره أثقال الهموم التي كان ينوء بها بسبب ما كان يلقاه من قومه من صدود، وقال له تعالى:

إنما عليك البلاغ وعلينا الحساب

[الرعد: 40].

هذا وقد شدد الأستاذ الامام الشيخ محمد عبده النكير على القائلين بالتكليف بالمحال، وذكر أن الصحابة - رضي الله عنهم - ما كان ذلك يخطر على بال أحد منهم، ثم قال: إن الاتفاق واقع بين الأئمة، بل بين الأمة على أن التكليف بالمحال غير واقع وأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، كما صرح به الكتاب وتضافرت عليه الأحاديث النبوية.

وقس كلامه هذا إلى ما قاله الفخر الرازي من أن القول بجوازه هو قول أهل السنة، والقول بعدم جوازه هو قول المعتزلة.

[2.7]

Unknown page