343

Al-Jawāhir al-Ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

Genres

، خرجه مسلم، وهو خبر آحاد، ثم ورد في الخبر المتواتر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم، ولم يجلد، فمن قال: إن السنة المتواترة تنسخ القرآن، جعل رجم الرسول دون جلد ناسخا لجلد الثيب، وهذا الذي عليه الأمة؛ أن السنة المتواترة تنسخ القرآن؛ إذ هما جميعا وحي من الله سبحانه، ويوجبان جميعا العلم والعمل.

ويتجه عندي في هذه النازلة بعينها أن يقال: إن الناسخ لحكم الجلد هو القرآن المتفق على رفع لفظه، وبقاء حكمه في قوله تعالى: «الشيخ والشيخة فارجموهما ألبتة»، وهذا نص في الرجم، وقد قرره عمر على المنبر بمحضر الصحابة، والحديث بكماله في مسلم، والسنة هي المبينة، ولفظ «البخاري»: «أو يجعل الله لهن سبيلا؛ الرجم للثيب، والجلد للبكر». انتهى.

وقوله تعالى: { والذان يأتينها منكم... } الآية: قال مجاهد وغيره: الآية الأولى في النساء عموما، وهذه في الرجال، فعقوبة النساء الحبس، وعقوبة الرجال الأذى، وهذا قول يقتضيه اللفظ، ويستوفي نص الكلام أصناف الزناة عامة؛ ويؤيده من جهة اللفظ قوله في الأولى: { من نسائكم } ، وقوله في الثانية: { منكم } ، وأجمع العلماء على أن هاتين الآيتين منسوختان؛ كما تقدم.

[4.17-18]

وقوله تعالى: { إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهلة... } الآية.

قال * ص *: التوبة: مبتدأ؛ على حذف مضاف، أي: قبول التوبة. انتهى.

قال * ع *: «إنما»: حاصرة، وهو مقصد المتكلم بها أبدا، فقد تصادف من المعنى ما يقتضي العقل فيه الحصر؛ كقوله تعالى:

إنما الله إله وحد

[النساء:171]، وقد لا تصادف ذلك؛ كقوله: «إنما الشجاع عنترة»، وهي في هذه الآية حاصرة؛ إذ ليست التوبة إلا لهذا الصنف المذكور، وتصح التوبة، وإن نقضها التائب في ثاني حال بمعاودة الذنب، فإن التوبة الأولى طاعة قد انقضت وصحت، وهو محتاج بعد مواقعة الذنب إلى توبة أخرى مستأنفة، وتصح أيضا التوبة من ذنب مع الإقامة على غيره من غير نوعه، خلافا للمعتزلة في قولهم: لا يكون تائبا من أقام على ذنب.

وقوله تعالى: { على الله } ، أي: على فضل الله ورحمته لعباده، وهذا نحو قوله صلى الله عليه وسلم:

Unknown page