337

Al-Jawāhir al-Ḥisān fī tafsīr al-Qurʾān

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

Genres

وقوله تعالى: { وءاتوا النساء صدقتهن نحلة... } الآية: قال ابن عباس وغيره: الآية خطاب للأزواج وقال أبو صالح: هي خطاب لأولياء النساء؛ لأن عادة بعض العرب كانت أن يأكل ولي المرأة مهرها، فرفع الله ذلك بالإسلام، وقيل: إن الآية في المتشاغرين الذين يتزوجون امرأة بأخرى، فأمروا أن يضربوا المهور.

قال * ع *: والآية تتناول هذه التأويلات الثلاث، ونحلة، أي: عطية منكم لهن، وقيل: نحلة: معناه: شرعة؛ مأخوذ من النحل، وقيل: التقدير: نحلة من الله لهن؛ قال ابن العربي: وذلك أن النحلة في اللغة: العطية عن غير عوض. انتهى.

وقوله: { فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا... } الآية: الخطاب حسبما تقدم من الاختلاف، والمعنى: إن وهبن غير مكرهات، طيبة نفوسهن، والضمير في «منه» يعود على الصداق؛ قاله عكرمة وغيره، «ومن»: تتضمن الجنس ههنا؛ ولذلك يجوز أن تهب المهر كله.

وقوله تعالى: { هنيئا مريئا }: قال اللغويون: الطعام الهنيء هو السائغ المستحسن الحميد المغبة؛: وكذلك المريء.

وقوله سبحانه: { ولا تؤتوا السفهاء أمولكم } ، قال أبو موسى الأشعري وغيره: نزلت في كل من اقتضى الصفة التي شرط الله من السفه، كان من كان، وقوله: { أمولكم } ، يريد: أموال المخاطبين؛ قاله أبو موسى الأشعري، وابن عباس، والحسن، وغيرهم، وقال ابن جبير: يريد أموال السفهاء، وأضافها إلى المخاطبين، إذ هى كأموالهم، و { قياما } جمع قيمة.

وقوله تعالى: { وارزقوهم فيها... } الآية: قيل: معناه: فيمن تلزم الرجل نفقته، وقيل: في المحجورين من أموالهم، و { معروفا }: قيل: معناه: ادعوا لهم، وقيل: معناه: عدوهم وعدا حسنا، أي: إن رشدتم، دفعنا لكم أموالكم، ومعنى اللفظة: كل كلام تعرفه النفوس، وتأنس إليه، ويقتضيه الشرع.

[4.6-7]

وقوله: { وابتلوا اليتمى... } الآية: الابتلاء: الاختبار، و { بلغوا النكاح }: معناه: بلغوا مبلغ الرجال بحلم أو حيض، أو غير ذلك، ومعناه: جربوا عقولهم، وقرائحهم، وتصرفهم، و { ءانستم }: معناه: علمتم، وشعرتم، وخبرتم، ومالك (رحمه الله) يرى الشرطين البلوغ والرشد المختبر، وحينئذ يدفع المال.

قال * ع *: والبلوغ لم تسقه الآية سياق الشرط، ولكنها حالة الغالب على بني آدم؛ أن تلتئم عقولهم فيها، فهو الوقت الذي لا يعتبر شرط الرشد إلا فيه، فقال: إذا بلغ ذلك الوقت، فلينظر إلى الشرط، وهو الرشد حينئذ؛ وفصاحة الكلام تدل على ذلك؛ لأن التوقيت بالبلوغ جاء ب «إذا»، والمشروط جاء ب «إن» التي هي قاعدة حروف الشرط، «وإذا» ليست بحرف شرط إلا في ضرورة الشعر، قال ابن عباس: الرشد في العقل وتدبير المال لا غير؛ وهو قول ابن القاسم في مذهبنا.

وقال الحسن، وقتادة: الرشد في العقل والدين؛ وهو رواية أيضا عن مالك.

Unknown page