al-Gawahir al-hisan fi tafsir al-Qurʾan
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
Genres
" من ملك زادا وراحلة، فلم يحج، فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا "
، وذهب جماعة من العلماء إلى أن قوله سبحانه: { من استطع إليه سبيلا } كلام عام لا يتفسر بزاد ولا راحلة، ولا غير ذلك، بل إذا كان مستطيعا غير شاق على نفسه، فقد وجب عليه الحج، وإليه نحا مالك في سماع أشهب، وقال: لا صفة في هذا أبين مما قال الله تعالى. هذا أنبل الأقوال، وهذه من الأمور التي يتصرف فيها فقه الحال ، والضمير في «إليه» عائد على البيت، ويحتمل على الحج.
وقوله سبحانه: { ومن كفر فإن الله غني عن العلمين } ، قال ابن عباس وغيره: المعنى: من زعم أن الحج ليس بفرض عليه، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه قرأ هذه الآية، فقال رجل من هذيل: يا رسول الله: من تركه، كفر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:
" من تركه، لا يخاف عقوبته، ومن حجه لا يرجو ثوابه، فهو ذلك "
، وقال بمعنى هذا الحديث ابن عباس وغيره، وقال السدي وجماعة من أهل العلم. معنى الآية: من كفر بأن وجد ما يحج به، ثم لم يحج، قال السدي: من كان بهذه الحال، فهو كافر، يعني: كفر معصية، ولا شك أن من أنعم الله عليه بمال وصحة، ولم يحج، فقد كفر النعمة، وقال ابن عمر وجماعة: معنى الآية: ومن كفر بالله واليوم الآخر، قال الفخر: والأكثرون هم الذين حملوا الوعيد على من ترك اعتقاد وجوب الحج، وقال الضحاك: لما نزلت آية الحج، فأعلم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك أهل الملل، وقال:
" إن الله تعالى كتب عليكم الحج، فحجوا "
، فآمن به المسلمون وكفر غيرهم فنزلت الآية، قال الفخر وهذا هو الأقوى، والله أعلم. اه.
ومعنى قوله تعالى: { غني عن العلمين }: الوعيد لمن كفر، والقصد بالكلام: فإن الله غني عنهم، ولكن عمم اللفظ؛ ليبرع المعنى، وتنتبه الفكر لقدرته سبحانه، وعظيم سلطانه، واستغنائه عن جميع خلقه لا رب سواه.
[3.98-101]
وقوله عز وجل: { قل يأهل الكتب لم تكفرون بآيت الله والله شهيد على ما تعملون }. هذه الآيات: توبيخ لليهود المعاصرين للنبي صلى الله عليه وسلم، والكتاب: التوراة، وآيات الله يحتمل أن يريد بها القرآن، ويحتمل العلامات الظاهرة على يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله سبحانه: { والله شهيد على ما تعملون } وعيد محض، قال الطبري: هاتان الآيتان: { قل يأهل الكتب لم تكفرون بآيت الله } ، وما بعدهما إلى قوله:
Unknown page