276

al-Gawahir al-hisan fi tafsir al-Qurʾan

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

Genres

وقرأ نافع وغيره: «ولا يأمركم»؛ برفع الراء: على القطع؛ قال سيبويه: المعنى لا يأمركم الله، وقال ابن جريج وغيره: المعنى: ولا يأمركم هذا البشر الذي أوتي هذه النعم، وهو محمد صلى الله عليه وسلم، وأما قراءة من نصب الراء، وهو حمزة وغيره، فهي عطف على قوله: { أن يؤتيه الله } ، المعنى: ولا له أن يأمركم؛ قاله أبو علي وغيره، وهو الصواب، لا ما قاله الطبري؛ من أنها عطف على قوله: { ثم يقول } ، والأرباب؛ في هذه الآية: بمعنى الآلهة.

[3.81-85]

وقوله تعالى: { وإذ أخذ الله ميثق النبيين لما ءاتيتكم من كتب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه }: المعنى: واذكر يا محمد إذ، فيحتمل أن يكون أخذ هذا الميثاق؛ حين أخرج بني آدم من ظهر آدم نسما، ويحتمل أن يكون هذا الأخذ على كل نبي في زمنه، ووقت بعثه، والمعنى: إن الله تعالى أخذ ميثاق كل نبي؛ بأنه ملتزم هو ومن آمن به الإيمان بمن أتى بعده من الرسل، والنصر له، وقال ابن عباس: إنما أخذ الله ميثاق النبيين على قومهم، فهو أخذ لميثاق الجميع، وقال علي بن أبي طالب (رضي الله عنه): لم يبعث الله نبيا آدم فمن بعده، إلا أخذ عليه العهد في محمد صلى الله عليه وسلم: لئن بعث، وهو حي، ليؤمنن به، ولينصرنه، وأمره بأخذه على قومه، ثم تلا هذه الآية، وقاله السدي.

وقرأ حمزة: «لما»؛ بكسر اللام، وهي لام الجر، والتقدير لأجل ما آتيناكم؛ إذ أنتم القادة والرءوس، ومن كان بهذه الحال، فهو الذي يؤخذ ميثاقه، و «ما» في هذه القراءة بمعنى «الذي»، والعائد إليها من الصلة، تقديره: آتيناكموه، و «من»: لبيان الجنس، و { ثم جاءكم... } الآية: جملة معطوفة على الصلة، ولا بد في هذه الجملة من ضمير يعود على الموصول، وإنما حذف؛ تخفيفا لطول الكلام، وتقديره عند سيبويه: رسول به مصدق لما معكم، واللام في: «لتؤمنن به» هي اللام المتلقية للقسم الذي تضمنه أخذ الميثاق، وفصل بين القسم والمقسم عليه بالجار والمجرور، وذلك جائز، وقرأ سائر السبعة «لما»؛ بفتح اللام، وذلك يتخرج على وجهين:

أحدهما: أن تكون «ما» موصولة في موضع رفع بالابتداء، واللام لام الابتداء، وهي متلقية لما أجري مجرى القسم من قوله تعالى: { وإذ أخذ الله ميثق النبيين } ، وخبر الابتداء قوله: { لتؤمنن } ، ولتؤمنن: متعلق بقسم محذوف، فالمعنى: والله، لتؤمنن، قاله أبو علي وهو متجه؛ بأن الحلف يقع مرتين.

والوجه الثاني: أن تكون «ما» للجزاء شرطا، فتكون في موضع نصب بالفعل الذي بعدها، وهو مجزوم، و «جاءكم»: معطوف في موضع جزم، واللام الداخلة على «ما» ليست المتلقية للقسم، ولكنها الموطئة المؤذنة بمجيء لام القسم، فهي بمنزلة اللام في قوله تعالى:

لئن لم ينته المنفقون

[الأحزاب:60] لأنها مؤذنة بمجيء المتلقية للقسم في قوله:

لنغرينك بهم

[الأحزاب:60] وكذلك هذه مؤذنة بمجيء المتلقية للقسم في قوله: «لتؤمنن».

Unknown page