252

al-Gawahir al-hisan fi tafsir al-Qurʾan

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

Genres

" قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: «يا رسول الله، إني أحبك، فقال : انظر ما تقول؟ قال: والله لأحبك»؛ ثلاث مرات؛ قال: «إن كنت تحبني، فأعد للفقر تجفافا» "

، ثم ذكر نحو حديث أبي سعيد بمعناه اه من «الشفا».

قال * ع *: والمحبة: إرادة يقترن بها إقبال من النفس وميل بالمعتقد، وقد تكون الإرادة المجردة فيما يكره المريد، والله تعالى يريد وقوع الكفر، ولا يحبه، ومحبة العبد لله تعالى يلزم عنها، ولا بد أن يطيعه، ومحبة الله تعالى أمارتها للمتأمل أن يرى العبد مهديا مسددا ذا قبول في الأرض، فلطف الله تعالى بالعبد ورحمته إياه هي ثمرة محبته، وبهذا النظر يفسر لفظ المحبة؛ حيث وقعت من كتاب الله عز وجل.

[3.33-35]

وقوله تعالى: { إن الله اصطفى آدم ونوحا... } الآية: لما مضى صدر من محاجة نصارى نجران، والرد عليهم وبيان فساد ما هم عليه، جاءت هذه الآيات معلمة بصورة الأمر الذي قد ضلوا فيه، ومنبئة عن حقيقته، كيف كانت، فبدأ تعالى بذكر فضل آدم ومن ذكر بعده، ثم خص امرأة عمران بالذكر؛ لأن القصد وصف قصة القوم إلى أن يبين أمر عيسى (عليه السلام)، وكيف كان، وانصرف «نوح»، مع عجمته وتعريفه؛ لخفة الاسم؛ كهود ولوط، قال الفخر هنا: اعلم أن المخلوقات على قسمين: مكلف، وغير مكلف، واتفقوا على أن المكلف أفضل من غير المكلف، واتفقوا على أن أصناف المكلفين أربعة: الملائكة، والإنس، والجن، والشياطين.

* ت *: تأمله جعل الشياطين قسيما للجن. اه.

والآل؛ في اللغة: الأهل، والقرابة، ويقال للأتباع، وأهل الطاعة: آل، والآل؛ في الآية: يحتمل الوجهين، فإن أريد بالآل: القرابة، فالتقدير أن الله اصطفى هؤلاء على عالمي زمانهم، أو على العالمين جميعا؛ بأن يقدر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من آل إبراهيم، وإن أريد بالآل: الأتباع، فيستقيم دخول أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الآل؛ لأنها على ملة إبراهيم.

وقوله تعالى: { ذرية بعضها من بعض } ، أي: متشابهين في الدين، والحال، وعمران هو رجل من بني إسرائيل، وامرأة عمران اسمها حنة، ومعنى: { نذرت }: جعلت لك ما في بطني محررا، أي: حبيسا على خدمة بيتك، محررا من كل خدمة وشغل من أشغال الدنيا، والبيت الذي نذرته له هو بيت المقدس، { فتقبل مني } ، أي: ارض عني في ذلك، واجعله فعلا مقبولا مجازى به، و { السميع }: إشارة إلى دعائها، و { العليم }: إشارة إلى نيتها.

[3.36-38]

وقوله تعالى: { فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت }: الوضع: الولادة، وقولها: { رب إني وضعتها أنثى }: لفظ خبر في ضمنه التحسر والتلهف، وبين الله ذلك بقوله: { والله أعلم بما وضعت } ، وقولها: { وليس الذكر كالأنثى } ، تريد في امتناع نذرها؛ إذ الأنثى تحيض ولا تصلح لصحبة الرهبان، قاله قتادة وغيره، وبدأت بذكر الأهم في نفسها، وإلا فسياق قصتها يقتضي أن تقول: وليس الأنثى كالذكر، وفي قولها: { وإني سميتها مريم }: سنة تسمية الأطفال قرب الولادة؛ ونحوه قول النبي صلى الله عليه وسلم:

Unknown page