250

al-Gawahir al-hisan fi tafsir al-Qurʾan

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

Genres

وقوله تعالى: { قل إن تخفوا ما في صدوركم... } الآية: الضمير في «تخفوا» هو للمؤمنين الذين نهوا عن الكافرين، والمعنى: إنكم إن أبطنتم الحرص على إظهار موالاتهم، فإن الله يعلم ذلك، ويكرهه منكم.

[3.30-32]

وقوله تعالى: { يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا } ، قال ابن هشام في «المغني»: «يوم»: نصب بمحذوف، تقديره: اذكروا أو احذروا، ولا يصح أن يكون ظرفا ل «يحذركم»؛ كما زعم بعضهم؛ لأن التحذير في الدنيا وقع لا في الآخرة. اه.

وقوله تعالى: { وما عملت من سوء } ، يحتمل أن تكون «ما» معطوفة على «ما» الأولى، فهي في موضع نصب، ويكون «تود» في موضع الحال، وإليه ذهب الطبري وغيره، ويحتمل أن تكون «ما» رفع بالابتداء، والخبر في قوله: «تود». وما بعده، والأمد: الغاية المحدودة من المكان أو الزمان.

وقوله تعالى: { والله رءوف بالعباد } يحتمل أن يكون إشارة إلى أن تحذيره رأفة منه سبحانه بعباده، ويحتمل أن يكون ابتداء إعلام بهذه الصفة، فمقتضى ذلك: التأنيس؛ لئلا يفرط الوعيد على نفس مؤمن، فسبحانه ما أرحمه بعباده.

وعن منصور بن عمار؛ أنه قال: أعقل الناس محسن خائف، وأجهل الناس مسيء آمن، فلما سمع عبد الملك بن مروان منه هذا الكلام؛ بكى حتى بل ثيابه، ثم قال له: اتل علي، يا منصور، شيئا من كتاب الله، فتلا عليه: { يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا... } الآية، فقال عبد الملك: قتلتني، يا منصور، ثم غشي عليه. اه.

وقوله تعالى: { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني... } الآية: قال الشيخ العارف بالله ابن أبي جمرة (رضي الله عنه): من علامة السعادة للشخص: أن يكون معتنيا بمعرفة السنة في جميع تصرفاته، والذي يكون كذلك هو دائم في عبادة؛ في كل حركاته وسكناته، وهذا هو طريق أهل الفضل؛ حتى حكي عن بعضهم؛ أنه لم يأكل البطيخ سنين؛ لما لم يبلغه كيفية السنة في أكله، وكيف لا، والله سبحانه يقول: { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } والاتباعية الكاملة إنما تصح بأن تكون عامة في كل الأشياء، يعني: إلا ما خصصه به الدليل، جعلنا الله من أهلها في الدارين. انتهى.

قال * ع *: قال الحسن بن أبي الحسن، وابن جريج: إن قوما على عهد النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: يا محمد، إنا نحب ربنا، فنزلت هذه الآية، وقيل: أمر صلى الله عليه وسلم أن يقول هذا القول لنصارى نجران.

قال * ع *: ويحتمل أن تكون الآية عامة لأهل الكتاب اليهود والنصارى؛ لأنهم كانوا يدعون أنهم يحبون الله، ويحبهم.

قال عياض: اعلم أن من أحب شيئا، آثره، وآثر موافقته، وإلا لم يكن صادقا في حبه، وكان مدعيا، فالصادق في حب النبي صلى الله عليه وسلم، من تظهر علامات ذلك عليه، وأولها الاقتداء به، واتباع سنته، واتباع أقواله وأفعاله، والتأدب بآدابه في عسره ويسره؛ قال تعالى: { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني.

Unknown page