al-Gawahir al-hisan fi tafsir al-Qurʾan
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
Genres
فمعناه: أن لو كان شك، لكنا نحن أحق به، ونحن لا نشك، فإبراهيم - عليه السلام - أحرى ألا يشك، فالحديث مبني على نفي الشك عن إبراهيم، والذي روي فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال:
" ذلك محض الإيمان "
؛ إنما هو في الخواطر الجارية التي لا تثبت، وأما الشك، فهو توقف بين أمرين، لا مزية لأحدهما على الآخر، وذلك هو المنفي عن الخليل صلى الله عليه وسلم.
وإحياء الموتى إنما يثبت بالسمع، وقد كان إبراهيم أعلم بذلك؛ يدلك على ذلك قوله:
ربي الذي يحيي ويميت
[البقرة:258]، والشك يبعد على من ثبت قدمه في الإيمان فقط، فكيف بمرتبة النبوة والخلة، والأنبياء معصومون من الكبائر، ومن الصغائر التي فيها رذيلة إجماعا، وإذا تأملت سؤاله - عليه السلام - وسائر ألفاظ الآية، لم تعط شكا، وذلك أن الاستفهام ب «كيف»، إنما هو عن حال شيء موجود، ومتقرر الوجود عند السائل والمسئول؛ نحو قولك: كيف علم زيد، وكيف نسج الثوب؟ ف «كيف» في هذه الآية إنما هي استفهام عن هيئة الإحياء، والإحياء متقرر، ولما وجدنا بعض المنكرين لوجود شيء قد يعبر عن إنكاره بالاستفهام عن حالة لذلك الشيء، يعلم أنها لا تصح، فيلزم من ذلك؛ أن الشيء في نفسه لا يصح؛ مثال ذلك: أن يقول مدع: أنا أرفع هذا الجبل، فيقول المكذب: كيف ترفعه، فهذه طريقة مجاز في العبارة، ومعناها: تسليم جدلي؛ كأنه يقول: افرض أنك ترفعه، أرني كيف، فلما كان في عبارة الخليل صلى الله عليه وسلم هذا الاشتراك المجازي، خلص الله سبحانه ذلك، وحمله على أن يبين الحقيقة، فقال له: { أولم تؤمن قال بلى } فكمل الأمر، وتخلص من كل شك، ثم علل - عليه السلام - سؤاله بالطمأنينة.
* ت *: قال الداوودي: وعن ابن جبير: { أولم تؤمن } بالخلة، قال مجاهد، والنخعي: { ولكن ليطمئن قلبي } ، أي: أزداد إيمانا إلى إيماني، وعن قتادة: لأزداد يقينا. انتهى.
قال: * ع *: وقوله تعالى: { أولم تؤمن } معناه: إيمانا مطلقا دخل فيه فصل إحياء الموتى، والواو: واو حال دخلت عليها ألف التقرير، وقال: * ص *: الهمزة في { أولم تؤمن } للتقرير؛ كقوله تعالى:
ألم نشرح لك صدرك
[الشرح:1]؛ وكقوله [الوافر]
Unknown page