al-Gawahir al-hisan fi tafsir al-Qurʾan
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
Genres
وقوله تعالى: { وإذا قيل له اتق الله... } الآية: هذه صفة الكافر والمنافق الذاهب بنفسه زهوا، ويحذر المؤمن أن يوقعه الحرج في نحو هذا، وقد قال بعض العلماء: كفى بالمرء إثما أن يقول له أخوه: اتق الله، فيقول له: عليك نفسك، مثلك يوصيني. قلت: قال أحمد بن نصر الداوودي: عن ابن مسعود: من أكبر الذنب أن يقال للرجل: اتق الله، فيقول: عليك نفسك، أنت تأمرني. انتهى.
و { العزة } هنا: المنعة، وشدة النفس، أي: اعتز في نفسه، فأوقعته تلك العزة في الإثم، ويحتمل المعنى: أخذته العزة مع الإثم.
و { حسبه } ، أي: كافيه، و { المهاد }: ما مهد الرجل لنفسه؛ كأنه الفراش.
وقوله تعالى: { ومن الناس من يشري نفسه... } الآية: تتناول كل مجاهد في سبيل الله، أو مستشهد في ذاته، أو مغير منكر، وقيل: هذه الآية في شهداء غزوة الرجيع عاصم بن ثابت، وخبيب، وأصحابهما، وقال عكرمة وغيره: هي في طائفة من المهاجرين، وذكروا حديث صهيب.
و { يشري }: معناه يبيع؛ ومنه
وشروه بثمن بخس
[يوسف:20]، وحكى قوم؛ أنه يقال: شرى؛ بمعنى اشترى، ويحتاج إلى هذا من تأول الآية في صهيب؛ لأنه اشترى نفسه بماله.
وقوله تعالى: { والله رءوف بالعباد } ترجية تقتضي الحض على امتثال ما وقع به المدح في الآية؛ كما أن قوله سبحانه: { فحسبه جهنم } تخويف يقتضي التحذير مما وقع به الذم في الآية، ثم أمر تعالى المؤمنين بالدخول في السلم، وهو الإسلام، والمسالمة، وقال ابن عباس: نزلت في أهل الكتاب، والألف واللام في الشيطان للجنس.
و { عدو }: يقع للواحد، والاثنين، والجمع، وقوله تعالى: { فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينت... } الآية: أصل الزلل في القدم، ثم يستعمل في الاعتقادات، والآراء، وغير ذلك، والمعنى: ضللتم، و { البينت } محمد صلى الله عليه وسلم وآياته، ومعجزاته، إذا كان الخطاب أولا لجماعة المؤمنين، وإذا كان الخطاب لأهل الكتاب، فالبينات ما ورد في شرائعهم من الإعلام بمحمد صلى الله عليه وسلم، والتعريف به.
و { عزيز }: صفة مقتضية أنه قادر عليكم لا تعجزونه، ولا تمتنعون منه، و { حكيم } ، أي: محكم فيما يعاقبكم به لزللكم.
Unknown page