Janaqu Masamir Ard
الجنقو مسامير الأرض
Genres
قالت في بجاحة: أنا وسيط ما أكثر، وإنت عارف إنو أنا ما عندي ذنب، إنت ذاتك لو عايز واحدة ح أجيبها ليك.
ولأول مرة في حياتي يصل بي الغيظ حد أن أتهور وأضربها في وجهها إلى أن سقطت على الأرض، عندما نهضت أخذت زجاجة جن فارغة ورمتني بها، ولكني خفضت رأسي قليلا، فانكسرت على الباب محدثة دويا مرعبا حضرت على إثره أدي، وود أمونة، في لمح البصر، وحضر ما يمكن أن أسميه نصف سكان الحي، أو جميع سكان الحي المستيقظين في تلك الساعة من الليل، هذا بالتأكيد كان من حسن حظي؛ حيث إن ود أمونة وأدي لم يستطيعا أن يرفعا ألم قشي عن صدري، أو يطلقا حنجرتي من كفيها القويتين، وصف لي ود أمونة فيما بعد حالتي بأنني: قربت أطلع الروح، ولكن ألم قشي قالت لي إنها ما كانت لتقتلني، ولكنها فقط كانت عايزة تهازر معاي شوية، ولكنني على كل وعيت الدرس واعتبرت الحادثة أيضا من فوائد ما بعد الحفل، اكتفى الناس بفض المشاجرة، لم يلمني أحد، ولم يلمها أحد، الملام في كل هذا هو الشيطان الرجيم، العنوا الشيطان، الناس هنا يفعلون المستحيل حتى لا يخسروا بعضهم، وتعجبهم اللمة، فالناس بالناس والكل لرب العالمين.
يا دوب ألم قشي ح تحبك بالجد بالجد؛ لأنها ضاقت إيدك، وعرفت إنك بتحبها؛ لأنك بتغير عليها.
ثم سألني سؤالا مباغتا: إنت بتحبها يا ولد؟
كنت مرهقا، نمت، تركتهما يتحدثان عن باص همدائييت، الذي نهبه الفالول بعد ظهر اليوم، عند غابة زهانة، نمت يملؤني العجب، كيف يصل الخبر عن الباص الذي نهب في غابة زهانة بعد الحادثة بما لا يزيد على نصف الساعة، والباص نفسه، كأسرع دابة في تلك البقاع، يحتاج إلى ساعة كاملة كي يصل إلى هناك من الحلة؟ أليس صحيحا أن الجن وحده هو المسئول عن نقل الأخبار في هذه البلاد؟
الجنقوجوراي
في الدرت يحنن وفي الخريف يجنن
يوم الخميس هنا يوم عيد، يقضيه الجنقوجوراي تحت شعار محفوظ ومعروف وهو: خميسك ولو تبيع قميصك. يهبطون إليه من المشاريع والتايات البعيدة والقريبة، عابرين مزارع الذرة والسمسم، أو غابات الكتر والطلح الصغيرة المتفرقة بين هنا وهناك، مثيرين الرعب في الأرانب البرية والفئران والسحليات، عن طريق دق أرجلهم الخشنة على الأرض الطينية السوداء، عن طريق أصواتهم التي تطلق أغنيات حصاد بائدة قديمة نشاز، في سماوات الفلوات الشاسعة، على ظهورهم القوقو متخما بعروق الشجر، ووصفات لعلاج مرض الصعيد، ولدغات الثعابين والعقارب، وحتى خادم العقرب الصغيرة السوداء المؤذية، وما استطاعوا جمعه من زينة إلى تلك اللحظة، وعندما يصفو لهم الجو، أو يبلغ بهم التعب أشده، يجلسون تحت شجرة لالوب أو طلحة رءوم، ويحكون عن أرباب العمل والنساء وحي قرش، وهم غالبا ما يتجنبون الحديث عن المال، هذا المخلوق الغريب اللزج، الذي لا يستقر في جيب، ولا كف، ولا قوقو، الذي يأتي بالمريسة والعرقي، يأتي بالشية والمرس والكجيك وما لا يحلمون به من طعام، يأتي بالنساء في لمح البصر، يعرف كيف يهين الرجال ويمرغ أنوفهم في التراب، وينهي رحلة حياتهم بشجرة الموت في فريق قرش بالحمرة، ولكنه في هذا الشهر.
وطالما كان الجنقوجوراي في كامل صحته ، وفي تمام مقدرته على العمل، ومواقعة النساء، فإن المال مهم لإكمال الزينة، وهي جزمة أديداس، أو كموش، بنطلون جديد، ويفضل الجينز البوقي بجيوب كبيرة وأحزمة، قميص أو قمصان جديدة ذات ياقات كبيرة لها ألوان زاهية، أو حارة، عطر البخور، أو المنتخب، بطارية جديدة ماركة رأس النمر الإنجليزية الأصلية، سويتر، منديل كبير مصنوع من القطن، علبة فازلين كبيرة تستخدم كحقة للصعوط فيما بعد، مسجل كبير بسماعتين ملحقتين، والأجمل والأكثر إثارة والذي يعطي وضعية اجتماعية أفضل للرجل هو ماركة سانيو بالذات، أو إنترناشونال المكتوبة بالفضي بارزة ما فوق علبة التشغيل، شنطة هاندباج كبيرة، وهي ما يطلقون عليها تدليلا: قوقو، نظارة شمسية سوداء اللون، أو عاكسة للضوء كبيرة تغطي نصف الوجه العلوي، تحب البنات رؤيتها هناك، ساعة يد كاسيو طالما لا توجد سيكو أصلية ولا ستيزن أو جوفيال، والبعض وهم قلة يحتفظون بقلم بك ونوتة صغيرة، وهما طالما يدلان على معرفة بالكتابة والقراءة والثقافة، ويحددان موقع الشخص في منظومة العمل؛ حيث إنه غالبا ما يكون قد حظي بوظيفة وكيل مشروع، وهي غاية ما يحلم به الجنقوجوراي، وتلك هي فائدة العلم ودخول المدارس، ويستطيع أي جنقوجوراي مع بعض الاجتهاد أن يكمل زينته في فصل الدرت، في شهر ديسمبر هذا، ففي كل خميس يحاول العامل جهده أن يشتري بعضا من هذه الأشياء، وأن يستمتع فوق ذلك بخميس جيد متميز يرفع من قدره وهو يحكيه في العودة، عند التاية وكنتوش اللقمة على النار، والأصدقاء التعابى يفترشون جوالات الخيش على الأرض، يطلقون عضلاتهم وأخيلتهم لسحرة الراحة يعبثون بها ما شاءوا، لا يميل الجنقوجوراي كثيرا للنساء، بل هم زاهدون في شأنهن، ولا يبطئون في إطلاق لقب هوان على كل من فضل مصاحبة النساء على معاقرة الخمر، المريسة هي المعشوقة النهارية الأمتع الأفضل، العرقي يشربونه بالليل، حيث يبرد الجو وتتبخر سكرة المريسة، ويحتاج الذهن إلى مسكن يجعل العضلات المرهقة التعبة تسترخي وتنام، إنهم الآن في شهور الكسل، التي تبدأ منذ الخامس عشر من ديسمبر؛ شهور ما بعد الحصاد، وهي عبارة عن استراحة محارب إجبارية، نزقة بليدة مرة طيعة حلوة شقية مراوغة، تنبهنا لكل ذلك عندما أتى لمسامعنا الحوار الذي انسرق عبر صريف القصب من بيت خميسة النوباوية، بينها وأحد الجنقو، عرفنا أن اسمه عبدارامان. - أنا غلطان يا أمي، سامحيني. - يا عبدارامان، إنت لسانك حلو، ولكن عملك شين زي الخرا.
ثم دار حديث خفيض فلم أتبينه، ولكن عندما طلب منها عبدارامان غرضه كان الصوت واضحا: كويس، خلي قميصي الجديد دا معاكي وأديني نصية واحدة، وبكرة لو ما جبت القروش ما تديني القميص.
Unknown page