Janaqu Masamir Ard
الجنقو مسامير الأرض
Genres
قالت أمونة جملة واحدة، ورمت بنفسها على السرير قربه: تستاهل. - ليه يا أمي؟ - البت دي قليلة أدب شوية، الوداها تبيع البنقو شنو؟
قال دون تركيز: يا أمي هي عندها قطن مش بنقو.
قالت مستغربة: قطن شنو؟ في قطن يبيعوه؟ - والله أنا شفته. - إنت ما عايز تختى الزولة دي؟ أنا مش قلت ليك ما تكون معاها؟
سكت ود أمونة قليلا، بدأ يقضم جزءا كبيرا من التفاحة، أكلها باستمتاع ظاهر، قال: كل يوم جيبي لي تفاحة. - كويس.
عندما نامت أمه، أخذ ما تبقى من الكيس، ومضى نحو الزنزانة، كان الظلام قد بدأ يهبط، ولكن الإضاءة الضعيفة عبر الممر دائما ما تمكنه من التجول بسهولة في أنحاء السجن، كما أن الحرس قد اعتادوا عليه، ولا يعترضون تجواله، بل يرحبون به، ويداعبونه، ويرسلونه، على كل هو شخص محبوب هنا، رفضت العازة في بادئ الأمر تناول ساندوتش الطحنية الذي مده إليها ود أمونة، ولكنه عندما بدأ يبكي، أخذته منه، كانت جائعة جدا، وبدت له شاحبة وهزيلة وأظهرتها الإضاءة الباهتة مثل شبح كبير حقيقي، ولكن كفها الدافئة تؤكدها باستمرار، وتسري في نفسه بهجة وحبا، لأول مرة تسأله عن والده، قال لها: أمي قالت لي أبوي يمني، وقالت رجع اليمن، كان عنده دكان في الحلة، تزوج أمي، وطلقها. - ما عندك إخوان تاني؟ - لا، أنا وأمي بس، أهل أمي في البلد. - وين بلدكم؟ - والله ما عارفها، أمي قاعدة تقول البلد، والبلد دي وين؟ أنا ما شفتها، أنا ولدوني في «الحلة»، وما مشيت أي مكان تاني، غير جينا هنا القضارف في السجن، دخلت مع أمي كتير، قالوا من ما كنت برضع، ولكنها طلعت ودخلوها تاني. - أنا حأطلع قبل أمك، لو أمك وافقت حآخدك معاي أنا عندي أهل وأسرة في القضارف هنا، تعيش معانا في البيت لحدي ما تطلع أمك من السجن: كويس؟
قال لها في يأس: أمي ما بتقبل، لو علي أنا، حأمشي معاك طوالي. - حأحاولها، إن شاء الله تقبل، إنت لازم تمشي المدرسة، هسع «الآن» عمرك كم؟ - تسعة سنين، ما حيقبلوني في المدرسة؟ أنا حأمشي اشتغل مع الميكانيكيين عشان أطلع سواق، وميكانيكي.
قالت بصورة مؤثرة: لأ، حتقرا وتطلع دكتور.
قدم لها قطعة كبيرة من حلاوة المولد وهو يضيف: وأمي قالت بدون شهادة ميلاد ما في لي طريقة.
قالت وقد رأى بريق عينيها عبر ضوء الممر الخافت: حأطلع ليك شهادة تسنين، وحأدخلك المدرسة، أنا بعرف مدير مرحلة الأساس، قاعد يجي بيتنا في القضارف، وبعرف الزول البيطلع شهادات التسنين، ما عندك أي مشكلة، بس كيف أمك توافق.
مر بهما شرطي نحيف طويل اسمه علي، يعرفونه بالجاك طويلة، شخص، مرح ويعرف بأنه متدين، ودائما ما يؤم السجانين في الصلاة، قال مخاطبا عازة: لقيتي زول تتونسي معاه.
Unknown page