Janaqu Masamir Ard
الجنقو مسامير الأرض
Genres
طاف بذهني أيضا: الفكي علي، أبرهيت، أدي، بوشي الجميلة ، عالم لا أول له ولا آخر، إلى أن توقفت العربة اللاندروفر عند البار الذي يقع على الضفة الشرقية من نهر سيتيت، مواجها الضفة الغربية التي تقع في السودان، كنت أعرف هذا البار، فقد قدمت إليه مرات كثيرة، ولي فيه ذكريات حلوة ومرة أيضا، حيتني البارستات اللائي قد تعرفن علي، حيتني «القنيش» صاحبة البار، فيا طالما سكرنا معا وتشاجرنا، كم سبحنا معا في النهر، سكارى وعراة كما ولدتنا أمهاتنا، كانت ابتسامتها التي استقبلتني بها تحكي كل ذلك، وكنت أبحث عن ابني، وألم قشي، في كل من ألتقيه، إلى أن قادني تسفاي وموظف اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى غرفة خلفية صغيرة، وجدتها مليئة تماما بألم قشي، وطفلي الذي سميته مباشرة محمد وهو اسم أبي، كانت ألم قشي في أبهى حالاتها، أرق، أحلى، أشهى، أنضر، وأروع ما تكون المرأة، يفوح منها عبق عطر جستس الذي كنا نفضله دائما، ومقلتاها النجلاوان مكحولتان بدقة تعرف بها، طلبت منها طلبا لا أرجو له إجابة، ولكن لمجرد أن أشعرها بأنني ما أزال أحبها؛ لأنني حقيقة أحبها حبا لم ينقصه صدها، هجرها، وجنونها، مثقال ذرة؛ أن تأتي لتعيش معي في المعسكر بالحمرة، نربي طفلنا معا إلى أن نجد لنا مخرجا، قالت لي بالتجرنة وهي تبتسم، وتعبث برأس الطفل، في خجل: أني نقمؤ مفي.
إلى الآن لا أصدق ما سمعت، أبدا لم أكن أتوقع أنها جاءت لتبقى معي، كم هو مدهش حقا عالم النساء، بل كم هو محير ومجنون! ولا أستطيع أن أعبر عن إحساسي بتلك اللحظة حتى بعد خمسة عشر عاما، حينما بدأت في كتابة روايتي الأولى الموسومة بعنوان: الجنقو مسامير الأرض، وكنت وألم قشي وأبناؤنا الثلاثة بالمهجر، في ولاية فلوردا الأمريكية.
في طريق عودتنا للمعسكر بعربة اللاندروفر، كنت أحمل طفلي الجميل محمدا، وبجانبي تجلس ألم قشي، تنظر إلي بين الفينة والأخرى وتبتسم، كنت أسعد رجل في العالم، وبينما أنا أتفحص طفلي، وأبحث في ملامحه عن تفاصيل أسرتنا، إذا بي أرى أسفل ظهره شامة صغيرة زرقاء، تبدو في ضوء الصباح الساطع كما ذلك الرسم الذي خطه لي على الأرض المسلاتي المريب: خاتم النبي سليمان.
خشم القربة
ديسمبر 2004 إلى 12 يناير 2009
Unknown page