86

Jāmiʿ al-Rasāʾil

جامع الرسائل

Editor

د. محمد رشاد سالم

Publisher

دار العطاء

Edition Number

الأولى ١٤٢٢هـ

Publication Year

٢٠٠١م

Publisher Location

الرياض

وَهَذَا غلط عَظِيم ضل فِيهِ طوائف طَائِفَة قَالَت لَا حَاجَة إِلَى الْأَعْمَال الْمَأْمُور بهَا فَإِن من خلق للجنة فَهُوَ يدخلهَا وَإِن لم يُؤمن وَمن خلق للنار فَهُوَ يدخلهَا وَإِن آمن
وَهَذِه الشُّبْهَة سُئِلَ عَنْهَا النَّبِي ﷺ لما قَالَ مَا مِنْكُم من أحد إِلَّا وَقد علم مَقْعَده من الْجنَّة وَالنَّار قَالُوا أَولا نَدع الْعَمَل ونتكل على الْكتاب فَقَالَ لَا اعْمَلُوا فَكل ميسر لما خلق لَهُ أما من كَانَ من أهل السَّعَادَة فسييسر لعمل أهل السَّعَادَة وَأما من كَانَ من أهل الشَّقَاء فسييسر إِلَى عمل أهل الشَّقَاء
الْأَسْبَاب -وَمِنْهَا التَّوَكُّل- من قدر الله
وَهَذَا الْمَعْنى قد ثَبت عَن النَّبِي ﷺ فِي الصَّحِيح فِي مَوَاضِع تَبْيِين أَن مَا سبق بِهِ الْكتاب سبق بالأسباب الَّتِي تُفْضِي إِلَيْهِ فالسعادة سبقت بِأَن صَاحبهَا يسْتَعْمل فِيمَا يصير بِهِ سعيدا والشقاوة سبقت بِأَن صَاحبهَا يسْتَعْمل فِيمَا يصير بِهِ شقيا فالقدر يتَضَمَّن الْغَايَة وسببها لم يتَضَمَّن غَايَة بِلَا سَبَب كَمَا تضمن أَن هَذَا ويلد لَهُ بِأَن يتَزَوَّج ويطأ الْمَرْأَة وَهَذَا ينْبت أرضه بِأَن يزرع ويسقى الزَّرْع وأمثال ذَلِك
وَكَذَلِكَ فِي السّنَن أَنه قيل لَهُ يَا رَسُول الله أَرَأَيْت أدوية نتداوى بهَا ورقى نسترقيها وتقاة نتقيها هَل ترد من قدر الله شَيْئا فَقَالَ هِيَ من قدر الله

1 / 93