308

Jāmiʿ al-Rasāʾil

جامع الرسائل

Editor

د. محمد رشاد سالم

Publisher

دار العطاء

Edition

الأولى ١٤٢٢هـ

Publication Year

٢٠٠١م

Publisher Location

الرياض

فكون الشَّيْء وَاجِب الْوُقُوع لكَونه قد سبق بِهِ الْقَضَاء، وَعلم أَنه لَا بُد من كَونه لَا يمْتَنع أَن يكون وَاقعا بمشيئته وَقدرته وإرادته وَإِن كَانَت من لَوَازِم ذَاته كحياته وَعلمه. فَإِن " إِرَادَته للمستقبلات " هِيَ مسبوقة " بإرادته للماضي " ﴿إِنَّمَا أمره إِذا أَرَادَ شَيْئا أَن يَقُول لَهُ كن فَيكون﴾ وَهُوَ إِنَّمَا أَرَادَ " هَذَا الثَّانِي " بعد أَن أَرَادَ قبله مَا يَقْتَضِي إِرَادَته؛ فَكَانَ حُصُول الْإِرَادَة اللاحقة بالإرادة السَّابِقَة.
وَالنَّاس قد اضْطَرَبُوا فِي " مَسْأَلَة إِرَادَة الله ﷾ " على أَقْوَال مُتعَدِّدَة. وَمِنْهُم من نفاها وَرجح الرَّازِيّ هَذَا فِي " مطالبه الْعَالِيَة " لَكِن - وَللَّه الْحَمد - نَحن قد قررناها وبيّنّاها وبيّنّا فَسَاد الشّبَه الْمَانِعَة مِنْهَا؛ وَأَن مَا جَاءَ بِهِ الْكتاب وَالسّنة هُوَ الْحق الْمَحْض الَّذِي تدل عَلَيْهِ المعقولات الصَّرِيحَة وَأَن " صَرِيح الْمَعْقُول مُوَافق لصحيح الْمَنْقُول ".
وَكُنَّا قد بيّنّا " أَولا " أَنه يمْتَنع تعَارض الْأَدِلَّة القطعية فَلَا يجوز أَن يتعارض دليلان قطعيان سَوَاء كَانَا عقليين أَو سمعيين أَو كَانَ أَحدهمَا عقليا وَالْآخر سمعيا؛ ثمَّ بَينا بعد ذَلِك: أَنَّهَا متوافقة متناصرة متعاضدة. فالعقل يدل على صِحَة

2 / 39