231

Jamic Rasail

جامع الرسائل

Investigator

د. محمد رشاد سالم

Publisher

دار العطاء

Edition Number

الأولى ١٤٢٢هـ

Publication Year

٢٠٠١م

Publisher Location

الرياض

مَا أنزلت [سُورَة فَمنهمْ من يَقُول أَيّكُم زادته هَذِه إِيمَانًا فَأَما الَّذين آمنُوا فزادتهم إِيمَانًا وهم يستبشرون وَأما الَّذين فِي قُلُوبهم مرض فزادتهم رجسا إِلَى رجسهم وماتوا وهم كافرون سُورَة التَّوْبَة ١٢٤ - ١٢٥] وَقَالَ تَعَالَى وننزل من الْقُرْآن مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَة للْمُؤْمِنين وَلَا يزِيد الظَّالِمين إِلَّا خسارا [سُورَة الْإِسْرَاء ٨٢] بل إِذا علم العَبْد أَن هَذَا الْفِعْل قد أمره الله بِهِ وأحبه فَاعْتقد هُوَ أَن ذَلِك لَيْسَ مِمَّا أَمر الله بِهِ وأبغضه وَكَرِهَهُ فَهُوَ كَافِر بِلَا ريب فَمثل هَذِه التَّوْبَة عَن الْحَسَنَات هِيَ ردة مَحْضَة عَن الْإِيمَان وَكفر بِالْإِيمَان وَمن يكفر بِالْإِيمَان فقد حَبط عمله وَهُوَ فِي الْآخِرَة من الخاسرين [سُورَة الْمَائِدَة ٥] فإطلاق القَوْل بِأَن الْحَسَنَات يُتَاب مِنْهَا هُوَ كفر يجب أَن يُسْتَتَاب صَاحبه إِذْ مَعْنَاهُ أَنه يُؤمر بِالرُّجُوعِ عَن الْحَسَنَات واعتقاد أَن الرُّجُوع عَن الْحَسَنَات يقرب إِلَى الله وَهَذَا كفر بِلَا ريب ثمَّ إِن هَذِه التَّوْبَة متناقضة ممتنعة فِي نَفسهَا فَإِن التائب من الْحَسَنَات إِن اعْتقد أَن هَذِه التَّوْبَة حَسَنَة فَعَلَيهِ أَن يَتُوب مِنْهَا فَتكون بَاطِلَة فَلَا يكون قد تَابَ من الْحَسَنَات وَإِن اعْتقد أَنَّهَا سَيِّئَة كَانَ مقرا بِأَن هَذِه التَّوْبَة مُحرمَة فقد الْتزم أحد أَمريْن إِمَّا أَنه لم يتب من الْحَسَنَات أَو تَابَ تَوْبَة مُحرمَة وَهَذَا اشْتبهَ عَلَيْهِ حَال السَّابِقين المقربين الَّذين يتوبون من ترك المستحبات أَو فعل المكروهات غير الْمُحرمَات فَظن أَنهم تَابُوا مِمَّا فَعَلُوهُ من الْحَسَنَات وتركوه من الْمُحرمَات فَإِنَّهُم لَو تَابُوا من ذَلِك لكانوا مرتدين إِمَّا عَن أصل الْإِيمَان وَإِمَّا عَن كَمَاله وَإِنَّمَا هِيَ كوبة عَمَّا تَرَكُوهُ من مُسْتَحبّ وفعلوه من مَكْرُوه مثل أَن يكو العَبْد يُصَلِّي صَلَاة مجزئة غير كَامِلَة فتبلغه صَلَاة النَّبِي ﷺ المستحبة فَيصَلي كصلاته ويندم على مَا كَانَ يَفْعَله من الصَّلَاة النَّاقِصَة

1 / 249