Jāmiʿ al-Rasāʾil
جامع الرسائل
Editor
د. محمد رشاد سالم
Publisher
دار العطاء
Edition Number
الأولى ١٤٢٢هـ
Publication Year
٢٠٠١م
Publisher Location
الرياض
المغضوب عَلَيْهِم وَغير الضَّالّين
وَهَذَا قد ذكره غير وَاحِد من أهل الْعَرَبيَّة ومثلوه بقول الْقَائِل إنى لأقر بالصادق غير الْكَاذِب قَالُوا وَغير هُنَا صفة لَيست للإستثناء وأصل غير أَن تكون صفة وَهِي فِي الْآيَة صفة وَلِهَذَا خفضت كَأَنَّهُ قيل صِرَاط الْمُنعم عَلَيْهِم المغايرين لهَؤُلَاء وَهَؤُلَاء
هَذِه هِيَ النِّعْمَة الْمُطلقَة التَّامَّة وَالْقُرْآن مَمْلُوء من ذكر نعمه على الْكفَّار وَقد قَالَ تَعَالَى كَيفَ تكفرون بِاللَّه وكنتم أَمْوَاتًا فأحياكم [سُورَة الْبَقَرَة ٢٨] فالحياة نعْمَة وَإِدْرَاك اللَّذَّات نعْمَة وَأما الْإِيمَان فَهُوَ أعظم النعم وَبِه تتمّ النعم
فالإنسان بجبلته يطْلب مَا يُوَافقهُ ويتنعم بِهِ من الْغذَاء وَغَيره على هَذَا فطر فَيعرف النِّعْمَة فَيعرف الْمُنعم فيشكره فَلهَذَا كَانَ الْحَمد هُوَ الإبتداء فَإِن شعوره بِنَفسِهِ وَبِمَا يحْتَاج إِلَيْهِ ويتنعم بِهِ قبل شعوره بِكُل شَيْء وَهُوَ من حِين خرج من بطن أمه شعر بِاللَّبنِ الَّذِي يحْتَاج إِلَيْهِ ويتنعم بِهِ وَبِمَا يخرج مِنْهُ وَهُوَ الثدي فَلهَذَا تعرف الله إِلَيْهِ بِالنعَم ليشكره وشكره ابْتِدَاء مَعْرفَته بِاللَّه فَإِذا عرف الله أحبه فعبده وتنعم بِعِبَادَتِهِ وَحده لَا شريك لَهُ وَعرف مَا فِي التأله لَهُ من اللَّذَّة الْعَظِيمَة الَّتِي لَا يعد لَهَا لَذَّة فَلهَذَا كَانَ التَّوْحِيد نهايته أَوله الْحَمد وَآخره إياك نعْبد
وَكَذَلِكَ فِي الْجنَّة كَمَا فِي صَحِيح مُسلم عَن صُهَيْب عَن النَّبِي ﷺ
1 / 110