232

Jāmiʿ al-masāʾil li-Ibn Taymiyya ṭ. ʿĀlam al-Fawāʾid – al-majmūʿa al-sādisa

جامع المسائل لابن تيمية ط عالم الفوائد - المجموعة السادسة

Editor

د. محمد رشاد سالم

Publisher

دار العطاء

Edition Number

الأولى ١٤٢٢هـ

Publication Year

٢٠٠١م

Publisher Location

الرياض

Genres

فَهُوَ لَا يَتُوب مِمَّا فعله من الْحسن وَإِنَّمَا يَتُوب مِمَّا تَركه من الْحسن وَلِهَذَا ينْسب نَفسه إِلَى التَّفْرِيط بِمَا أضاعه من الْحَسَنَات وَكَذَلِكَ إِذا سمع فَضَائِل الْأَعْمَال المستحبة وَمَا وعد الله لأصحابها من علو الدَّرَجَات فيندم على مَا فرط من ذَلِك ويعزم على فعلهَا فَهُوَ تَوْبَة مِمَّا تَركه من الْحَسَنَات
وَكَذَلِكَ لَو كَانَ يصبر على المكاره مثل الْفقر وَالْمَرَض وَخَوف الْعَدو من غير رضى بذلك فَبَلغهُ مقَام أهل الرِّضَا وَأَنه أَعلَى من الصَّبْر الَّذِي لَا رضَا مَعَه وَأَن هَؤُلَاءِ يسْتَحقُّونَ رضوَان الله عَلَيْهِم وَأَن أول من يدعى إِلَى الْجنَّة الْحَمَّادُونَ الَّذين يحْمَدُونَ الله على السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَمَا روى عَن النَّبِي ﷺ أَنه قَالَ لِابْنِ عَبَّاس إِن اسْتَطَعْت أَن تعْمل لله بِالرِّضَا مَعَ الْيَقِين فافعل وَإِن لم تستطع فَإِن فِي الصَّبْر على مَا يكره خيرا كثيرا
فَهَذَا يَتُوب من ترك الرِّضَا لَا من نفس مَا أَمر بِهِ من الصَّبْر فَإِن الصَّبْر يبْقى مَعَ الرِّضَا لَا بُد من الصَّبْر فِي الْحَالَتَيْنِ لَكِن تذْهب مرَارَة الْكَرَاهَة بِالرِّضَا وَتلك المرارة لَيست من الْحَسَنَات الْمَأْمُور بهَا وَلَا هِيَ دَاخِلَة أَيْضا فِي حد الصَّبْر الْمَأْمُور بِهِ بل الصَّبْر قد تكون مَعَه مرَارَة وَقد لَا تكون
وَمن اعْتقد أَن الصَّبْر لَا يكون إِلَّا مَعَ مرَارَة وَأَنه ضد الرِّضَا فقد تكلم بعرف بعض الْمُتَأَخِّرين وَلَيْسَ ذَاك عرف الْكتاب وَالسّنة فَإِن الله تَعَالَى أمرنَا بِالصبرِ وَأثْنى على أَصْحَابه فِي أَكثر من تسعين موضعا من كِتَابه

1 / 250