194

Jāmiʿ al-masāʾil li-Ibn Taymiyya ṭ. ʿĀlam al-Fawāʾid – al-majmūʿa al-sādisa

جامع المسائل لابن تيمية ط عالم الفوائد - المجموعة السادسة

Investigator

د. محمد رشاد سالم

Publisher

دار العطاء

Edition Number

الأولى ١٤٢٢هـ

Publication Year

٢٠٠١م

Publisher Location

الرياض

Genres

الْإِيمَان مَعَه كيدا لمُوسَى. قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا كيد الْكَافرين إِلَّا فِي تباب﴾ [سُورَة غَافِر: ٣٧]، فَدلَّ على أَنهم من الْكَافرين الَّذين كيدهم فِي تباب، فوصفهم بالتكذيب وبالكفر جَمِيعًا، وَإِن كَانَ التَّكْذِيب مُشْتَمِلًا مستلزما للكفر، كَمَا أَن الرسَالَة مستلزمة للنبوة، والنبوة مستلزمة للولاية.
ثمَّ أخبر عَن فِرْعَوْن أَنه طلب قتل مُوسَى وَقَالَ: ﴿وليدع ربه﴾، وَهَذَا تَنْبِيه على أَنه لم يكن مقرا بربه، وَلِهَذَا قَالَ فِي تَمام الْكَلَام: ﴿مَا علمت لكم من إِلَه غَيْرِي﴾ [سُورَة الْقَصَص: ٣٨]، وَهَذَا جحد صَرِيح لإله الْعَالمين، وَهِي الْكَلِمَة الأولى.
ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك لما ذكره الله تَعَالَى بقوله: ﴿فكذب وَعصى * ثمَّ أدبر يسْعَى * فحشر فَنَادَى * فَقَالَ أَنا ربكُم الْأَعْلَى﴾ [سُورَة النازعات: ٢١]- ٢٤]، قَالَ الله تَعَالَى: ﴿فَأَخذه الله نكال الْآخِرَة وَالْأولَى * إِن فِي ذَلِك لعبرة لمن يخْشَى﴾ [سُورَة النازعات: ٢٥]- ٢٦] . قَالَ كثير من الْعلمَاء: أَي نكال الْكَلِمَة الْآخِرَة، ونكال الْكَلِمَة الأولى، فنكل الله تَعَالَى بِهِ على الْكَلِمَتَيْنِ باعترافه، وَجعل ذَلِك عِبْرَة لمن يخْشَى. وَلَو كَانَ هَذَا مِمَّن لم يُعَاقب على مَا تقدم من كفره، وَلم يكن عِقَابه عِبْرَة، بل من آمن غفر الله لَهُ مَا سلف، وَلم يذكرهُ بِكفْر وَلَا بذم أصلا، بل يمدحه على إيمَانه، ويثني عَلَيْهِ كَمَا أثنى على من آمن بالرسل، وَأخْبر أَنه نجاهم.
وَفرْعَوْن هُوَ أَكثر الْكفَّار ذكرا فِي الْقُرْآن، وَهُوَ لَا يذكرهُ سُبْحَانَهُ إِلَّا

1 / 211