Jamic Li Ahkam Quran
الجامع لاحكام القرآن
Investigator
أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش
Publisher
دار الكتب المصرية
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م
Publisher Location
القاهرة
الجزء الأول
[المدخل]
[خطبة الكتاب وفيها الكلام على علو شأن المفسرين]
بسم الله الرحمن الرحيم وَبِهِ نَسْتَعِينُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وآله وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا. قَالَ الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْعَامِلُ الْعَلَّامَةُ الْمُحَدِّثُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ محمد بن أحمد بن أبى بكر فَرَحٍ الْأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ الْأَنْدَلُسِيُّ ثُمَّ الْقُرْطُبِيُّ، ﵁: الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُبْتَدِئُ بِحَمْدِ نَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يَحْمَدَهُ حَامِدٌ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، الرَّبُّ الصَّمَدُ الْوَاحِدُ، الْحَيُّ الْقَيُّومُ الَّذِي لَا يَمُوتُ، ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، وَالْمَوَاهِبِ الْعِظَامِ، وَالْمُتَكَلِّمُ بِالْقُرْآنِ، وَالْخَالِقُ لِلْإِنْسَانِ، وَالْمُنْعِمُ عَلَيْهِ بِالْإِيمَانِ، وَالْمُرْسِلُ رَسُولَهُ بِالْبَيَانِ، مُحَمَّدًا ﷺ مَا اخْتَلَفَ الْمَلَوَانِ «١»، وَتَعَاقَبَ الْجَدِيدَانِ، أَرْسَلَهُ بِكِتَابِهِ الْمُبِينِ، الْفَارِقِ بَيْنَ الشَّكِّ وَالْيَقِينِ، الَّذِي أَعْجَزَتِ الْفُصَحَاءَ مُعَارَضَتُهُ، وَأَعْيَتِ الْأَلِبَّاءَ مُنَاقَضَتُهُ، وَأَخْرَسَتِ الْبُلَغَاءَ مُشَاكَلَتُهُ، فَلَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا. جَعَلَ أَمْثَالَهُ عِبَرًا لِمَنْ تَدَبَّرَهَا، أوامره هُدًى لِمَنِ اسْتَبْصَرَهَا، وَشَرَحَ فِيهِ وَاجِبَاتِ الْأَحْكَامِ، وَفَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَكَرَّرَ فِيهِ الْمَوَاعِظَ وَالْقِصَصَ لِلْأَفْهَامِ، وَضَرَبَ فِيهِ الْأَمْثَالَ، وَقَصَّ فِيهِ غَيْبَ الْأَخْبَارِ، فَقَالَ تَعَالَى" مَا فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ «٢» ". وخاطب بِهِ أَوْلِيَاءَهُ فَفَهِمُوا، وَبَيَّنَ لَهُمْ فِيهِ مُرَادَهُ فَعَلِمُوا. فَقَرَأَةُ الْقُرْآنِ حَمَلَةُ سِرِّ اللَّهِ الْمَكْنُونِ، وَحَفَظَةُ عِلْمِهِ الْمَخْزُونِ، وَخُلَفَاءُ أَنْبِيَائِهِ وَأُمَنَاؤُهُ، وَهُمْ أَهْلُهُ وَخَاصَّتُهُ وَخِيرَتُهُ وَأَصْفِيَاؤُهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنَّا «٣» " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هُمْ؟ قَالَ:" هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ" أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ. فَمَا أَحَقَّ مَنْ عَلِمَ كِتَابَ اللَّهِ أن يزدجر بنواهيه، ويتذكر
_________
(١). الملوان: الليل والنهار.
(٢). آيه ٣٨ سورة الأنعام.
(٣). في سنن ابن ماجة:" من الناس".
1 / 1