44

Jamic Li Ahkam Quran

الجامع لاحكام القرآن

Investigator

أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش

Publisher

دار الكتب المصرية

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م

Publisher Location

القاهرة

الا يَحِلُّ لَكُمُ الْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ وَلَا كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَلَا لُقَطَةُ مُعَاهِدٍ إِلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا صَاحِبُهَا وَمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ فعليهم ان يقرؤه فإن لم يقرؤه فَلَهُ أَنْ يُعْقِبَهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُ". قَالَ الْخَطَّابِيُّ: قَوْلُهُ" أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمَثْلَهُ مَعَهُ" يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ مِنَ التَّأْوِيلِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ أُوتِيَ مِنَ الْوَحْيِ الْبَاطِنَ غَيْرَ الْمَتْلُوِّ، مِثْلَ مَا أُعْطِيَ مِنَ الظَّاهِرِ الْمَتْلُوِّ. وَالثَّانِي أَنَّهُ أُوتِيَ الْكِتَابَ وَحَيًا يُتْلَى، وَأُوتِيَ مِنَ الْبَيَانِ مِثْلَهُ، أَيْ أُذِنَ لَهُ أَنْ يُبَيِّنَ مَا فِي الكتاب فيعم ويخص ويزيد عليه ويشرع مَا فِي الْكِتَابِ، فَيَكُونُ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ وَلُزُومِ قَبُولِهِ كَالظَّاهِرِ الْمَتْلُوِّ مِنَ الْقُرْآنِ. وَقَوْلُهُ:" يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ" الْحَدِيثَ. يُحَذِّرُ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنْ مُخَالَفَةِ السُّنَنِ الَّتِي سَنَّهَا مِمَّا لَيْسَ لَهُ فِي الْقُرْآنِ ذِكْرٌ عَلَى مَا ذَهَبَتْ إِلَيْهِ الْخَوَارِجُ وَالرَّوَافِضُ، فَإِنَّهُمْ تَعَلَّقُوا بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَتَرَكُوا السُّنَنَ الَّتِي قَدْ ضَمِنَتْ بَيَانَ الْكِتَابِ، قَالَ: فَتَحَيَّرُوا وَضَلُّوا، قَالَ وَالْأَرِيكَةُ: السَّرِيرُ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ لَا يُسَمَّى أَرِيكَةً حَتَّى يَكُونَ فِي حَجَلَةٍ «١»، قَالَ: وَإِنَّمَا أَرَادَ بِالْأَرِيكَةِ أَصْحَابَ التَّرَفُّهِ وَالدَّعَةِ الَّذِينَ لَزِمُوا الْبُيُوتَ لَمْ يَطْلُبُوا الْعِلْمَ مِنْ مَظَانِّهِ. وَقَوْلُهُ:" إِلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا صَاحِبُهَا" مَعْنَاهُ أَنْ يَتْرُكَهَا صَاحِبُهَا لِمَنْ أَخَذَهَا اسْتِغْنَاءً عَنْهَا، كَقَوْلِهِ:" فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ «٢» مَعْنَاهُ تَرَكَهُمُ اللَّهُ اسْتِغْنَاءً عَنْهُمْ. وَقَوْلُهُ:" فَلَهُ أَنَّ يُعْقِبَهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُ هَذَا فِي حَالِ الْمُضْطَرِّ الَّذِي لَا يَجِدُ طَعَامًا وَيَخَافُ التَّلَفَ عَلَى نَفْسِهِ، فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مالهم بقدر قراه عوض ما حرموه من قراه." ويعقبهم" يُرْوَى مُشَدَّدًا وَمُخَفَّفًا مِنَ الْمُعَاقَبَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَإِنْ عاقَبْتُمْ" «٣» أَيْ فَكَانَتِ الْغَلَبَةُ لَكُمْ فغنتم مِنْهُمْ، وَكَذَلِكَ لِهَذَا أَنْ يَغْنَمَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ بِقَدْرِ قِرَاهُ. قَالَ: وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ بِالْحَدِيثِ إِلَى أَنْ يُعْرَضَ عَلَى الْكِتَابِ، فَإِنَّهُ مَهْمَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كَانَ حُجَّةً بِنَفْسِهِ، قَالَ: فَأَمَّا مَا رَوَاهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ قَالَ:" إِذَا جَاءَكُمُ الْحَدِيثُ فَاعْرِضُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ وَافَقَهُ فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْهُ فردوه" فانه حديث لَا أَصْلَ لَهُ. ثُمَّ الْبَيَانُ مِنْهُ ﷺ عَلَى ضَرْبَيْنِ: بَيَانٌ لِمُجْمَلٍ فِي الْكِتَابِ، كَبَيَانِهِ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي مَوَاقِيتِهَا وَسُجُودِهَا وَرُكُوعِهَا وَسَائِرِ أَحْكَامِهَا، وَكَبَيَانِهِ لِمِقْدَارِ الزَّكَاةِ ووقتها وما الذي

(١). الحجلة: مثل القبة. (٢). آية ٦ سورة التغابن. (٣). آية ١٢٦ سورة النحل.

1 / 38