167

Jamic Li Ahkam Quran

الجامع لاحكام القرآن

Investigator

أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش

Publisher

دار الكتب المصرية

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م

Publisher Location

القاهرة

حَتَّى اسْتَبَنْتُ الْهُدَى وَالْبِيدُ هَاجِمَةٌ ... يَخْشَعْنَ فِي الْآلِ غُلْفًا أَوْ يُصَلِّينَا «١» [الرَّابِعَةُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" لِلْمُتَّقِينَ" خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى الْمُتَّقِينَ بِهِدَايَتِهِ وَإِنْ كَانَ هُدًى لِلْخَلْقِ أَجْمَعِينَ تَشْرِيفًا لَهُمْ، لِأَنَّهُمْ آمَنُوا وَصَدَّقُوا بِمَا فِيهِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي رَوْقٍ أَنَّهُ قَالَ:" هُدىً لِلْمُتَّقِينَ" أَيْ كَرَامَةٌ لَهُمْ، يَعْنِي إِنَّمَا أَضَافَ إِلَيْهِمْ إِجْلَالًا لَهُمْ وَكَرَامَةً لَهُمْ وَبَيَانًا لِفَضْلِهِمْ. وَأَصْلُ" لِلْمُتَّقِينَ": لِلْمُوتَقِيِينَ بِيَاءَيْنِ مُخَفَّفَتَيْنِ، حُذِفَتِ الْكَسْرَةُ مِنَ الْيَاءِ الْأُولَى لِثِقَلِهَا ثُمَّ حُذِفَتِ الْيَاءُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَأُبْدِلَتِ الْوَاوُ تَاءً عَلَى أَصْلِهِمْ فِي اجْتِمَاعِ الْوَاوِ وَالتَّاءِ وَأُدْغِمَتِ التَّاءُ فِي التَّاءِ فَصَارَ لِلْمُتَّقِينَ. الْخَامِسَةُ: التَّقْوَى يُقَالُ أَصْلُهَا فِي اللُّغَةِ قِلَّةُ الْكَلَامِ، حَكَاهُ ابْنُ فَارِسٍ. قُلْتُ: وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: (التَّقِيُّ مُلْجَمٌ وَالْمُتَّقِي فَوْقَ الْمُؤْمِنِ وَالطَّائِعِ) وَهُوَ الَّذِي يَتَّقِي بِصَالِحِ عَمَلِهِ وَخَالِصِ دُعَائِهِ عَذَابَ اللَّهِ تَعَالَى، مَأْخُوذٌ مِنَ اتِّقَاءِ الْمَكْرُوهِ بِمَا تَجْعَلُهُ حَاجِزًا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ، كَمَا قَالَ النَّابِغَةُ: سَقَطَ النَّصِيفُ «٢» وَلَمْ تُرِدْ إِسْقَاطَهُ ... فَتَنَاوَلَتْهُ وَاتَّقَتْنَا بِالْيَدِ وَقَالَ آخَرُ: فَأَلْقَتْ قِنَاعًا دُونَهُ الشَّمْسُ وَاتَّقَتْ ... بِأَحْسَنِ مَوْصُولَيْنِ كَفٍّ وَمِعْصَمِ وَخَرَّجَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْغَنِيِّ الْحَافِظُ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ زَرْبِيٍّ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قال قال يوما لابن أخيه: يا بن أَخِي تَرَى النَّاسَ مَا أَكْثَرَهُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: لَا خَيْرَ فِيهِمْ إِلَّا تَائِبٌ أَوْ تقي ثم قال: يا بن أَخِي تَرَى النَّاسَ مَا أَكْثَرَهُمْ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: لَا خَيْرَ فِيهِمْ إِلَّا عَالِمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ. وَقَالَ أَبُو يَزِيدَ الْبِسْطَامِيُّ: الْمُتَّقِي مَنْ إِذَا قَالَ قَالَ لِلَّهِ، وَمَنْ إِذَا عَمِلَ عَمِلَ لِلَّهِ. وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ: الْمُتَّقُونَ الَّذِينَ نَزَعَ اللَّهُ عَنْ قُلُوبِهِمْ حُبَّ الشَّهَوَاتِ. وَقِيلَ: الْمُتَّقِي الَّذِي اتَّقَى الشِّرْكَ وَبَرِئَ مِنَ النِّفَاقِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا فَاسِدٌ، لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ كَذَلِكَ وَهُوَ فَاسِقٌ. وَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁ أُبَيًّا عَنِ التَّقْوَى، فَقَالَ: هَلْ أَخَذْتَ طَرِيقًا ذَا شَوْكٍ؟ قال: نعم،

(١). هذا البيت ساقط في جميع الأصول، والزيادة من اللسان مادة (هدى) والبحر المحيط في هذا الموضوع. (٢). النصيف: ثوب تتجلل به المرأة فوق ثيابها كلها، سمى نصيفا لأنه نصف بين الناس وبينها فحجز أبصارهم عنها.

1 / 161