145

Jamic Li Ahkam Quran

الجامع لاحكام القرآن

Investigator

أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش

Publisher

دار الكتب المصرية

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م

Publisher Location

القاهرة

قُلْتُ: وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ، لِأَنَّهُ شَامِلٌ لِكُلِّ مَخْلُوقٍ وَمَوْجُودٍ، دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ. قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا «١» " ثُمَّ هُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْعِلْمِ وَالْعَلَامَةِ، لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى مُوجِدِهِ. كَذَا قَالَ الزَّجَّاجُ قَالَ: الْعَالَمُ كُلُّ مَا خَلَقَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَقَالَ الْخَلِيلُ: الْعِلْمُ وَالْعَلَامَةُ وَالْمَعْلَمُ: مَا دَلَّ عَلَى الشَّيْءِ، فَالْعَالَمُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ لَهُ خَالِقًا وَمُدَبِّرًا، وَهَذَا وَاضِحٌ. وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ بَيْنَ يَدَيِ الْجُنَيْدِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَقَالَ لَهُ: أَتِمَّهَا كَمَا قَالَ اللَّهُ، قُلْ: رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: وَمَنِ الْعَالَمِينَ حَتَّى تُذْكَرَ مَعَ الْحَقِّ؟ قَالَ: قُلْ يَا أَخِي؟ فَإِنَّ الْمُحْدَثَ إِذَا قُرِنَ مَعَ الْقَدِيمِ لَا يَبْقَى لَهُ أثر. الثانية عشرة يَجُوزُ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ فِي" رَبِّ" فَالنَّصَبُ عَلَى الْمَدْحِ، وَالرَّفْعُ عَلَى الْقَطْعِ، أَيْ هُوَ رَبُّ العالمين. [سورة الفاتحة (١): آية ٣] الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣) الثالثة عشرة قَوْلُهُ تَعَالَى: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣) وَصَفَ نَفْسَهُ تَعَالَى بَعْدَ" رَبِّ الْعالَمِينَ"، بِأَنَّهُ" الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ"، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي اتِّصَافِهِ بِ" رَبِّ الْعالَمِينَ" تَرْهِيبٌ قَرَنَهُ بِ" الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ"، لِمَا تَضَمَّنَ مِنَ التَّرْغِيبِ، لِيَجْمَعَ فِي صِفَاتِهِ بَيْنَ الرَّهْبَةِ مِنْهُ، وَالرَّغْبَةِ إِلَيْهِ، فَيَكُونُ أَعْوَنَ عَلَى طَاعَتِهِ وَأَمْنَعَ، كَمَا قَالَ:" نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ «٢» ". وَقَالَ:" غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ" «٣». وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ مَا طَمِعَ بِجَنَّتِهِ أَحَدٌ وَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ مَا قَنَطَ مِنْ جَنَّتِهِ أَحَدٌ). وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِي هَذَيْنَ الِاسْمَيْنِ مِنَ الْمَعَانِي، فلا معنى لإعادته. [سورة الفاتحة (١): آية ٤] مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤) الرابعة عشرة قَوْلُهُ تَعَالَى: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤) قَرَأَ مُحَمَّدُ بْنُ السَّمَيْقَعِ بِنَصْبِ مَالِكِ، وَفِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ: مَالِكُ وَمَلِكُ وَمَلْكُ مُخَفَّفَةٌ مِنْ مَلِكَ وَمَلِيكُ. قَالَ الشَّاعِرُ: «٤» وَأَيَّامٍ لَنَا غُرٍّ طِوَالٍ ... عَصَيْنَا الملك فيها أن ندينا

(١). آية ٢٣ سورة الشعراء. (٢). آية ٥٠ ٤٩ سورة الحجر. (٣). آية ٣ سورة غافر. (٤). هو عمرو بن كلثوم. [.....]

1 / 139