226

Jamic Kabir

الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكلام والمنثور

Investigator

مصطفى جواد

Publisher

مطبعة المجمع العلمي

النوع الثالث والعشرون من الباب الأول من الفن الثاني في الاقتصاد والإفراط والفريط فأما الاقتصاد فهو أن يكون المعنى المضمن في العبارة على حسب ما يقتضيه المعبر عنه في منزلته. وأما التفريط، والإفراط، فهو أن يكون المعنى المضمن في العبارة بخلاف ما يقتضيه منزله المعبر عنه، فأما انحطاطًا دونها وهو التفريط، وإما تجاوزًا عنها، وهو الإفراط، لأن أصل التفريط في وضع اللغة من (فرط في الإفراط إذا قصر فيه وضيعه)، وأصل الإفراط في وضع اللغة من (إفراط في الأمر إذا تجاوز فيه الحد) فالتفريط عيب في الكلام فاحش، وذلك كقول الأعشى: - وما مُزِبِدُ من خليج الفراتِ ... جَوْنُ غوارُبهُ تَلْتَطِمْ بأجْوَدَ منه بماعونه ... إذا ما سماؤهم لم تَغِم فإنه قد مدح ملكًا بأنه يجودُ بماعونه، والماعون هو كل ما يستعار من قدومٍ أو قصعةٍ أو قدرٍ أو ما أشبه ذلك. وليس للملوك في بذله مدح البتة، بل هو الذي أقرب منه إلى المدح، فهذا من أقبح التفريط.

1 / 226