Jamic Bayan
جامع البيان في تفسير القرآن
إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة
[البقرة: 67] فتضربوه ببعضها. حدثنا القاسم، قال: ثنا حسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، وحجاج عن أبي معشر، عن محمد بن كعب القرظي، ومحمد بن قيس، دخل حديث بعضهم في حديث بعض، قالوا: إن سبطا من بني إسرائيل لما رأوا كثرة شرور الناس بنوا مدينة فاعتزلوا شرور الناس، فكانوا إذا أمسوا لم يتركوا أحدا منهم خارجا إلا أدخلوه، وإذا أصبحوا قام رئيسهم فنظر وتشرف فإذا لم ير شيئا فتح المدينة فكانوا مع الناس حتى يمسوا. وكان رجل من بني إسرائيل له مال كثير، ولم يكن له وارث غير ابن أخيه، فطال عليه حياته، فقتله ليرثه. ثم حمله فوضعه على باب المدينة. ثم كمن في مكان هو وأصحابه، قال: فتشرف رئيس المدينة على باب المدينة فنظر فلم ير شيئا، ففتح الباب، فلما رأى القتيل رد الباب فناداه ابن أخي المقتول وأصحابه: هيهات قتلتموه ثم تردون الباب وكان موسى لما رأى القتل كثيرا في أصحابه بني إسرائيل كان إذا رأى القتيل بين ظهري القوم آخذهم، فكاد يكون بين أخي المقتول وبين أهل المدينة قتال حتى لبس الفريقان السلاح، ثم كف بعضهم عن بعض، فأتوا موسى فذكروا له شأنهم فقالوا: يا رسول الله إن هؤلاء قتلوا قتيلا ثم ردوا الباب، وقال أهل المدينة: يا رسول الله قد عرفت اعتزالنا الشرور وبنينا مدينة كما رأيت نعتزل شرور الناس ما قتلنا ولا علمنا قاتلا. فأوحى الله تعالى ذكره إليه أن يذبحوا بقرة، فقال لهم موسى:
إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة
[البقرة: 67] حدثني المثنى، قال: ثنا آدم، قال: ثنا أبو جعفر، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة، قال: كان في بني إسرائيل رجل عقيم وله مال كثير، فقتله ابن أخ له فجره فألقاه على باب ناس آخرين. ثم أصبحوا فادعاه عليهم حتى تسلح هؤلاء وهؤلاء، فأرادوا أن يقتتلوا، فقال ذوو النهي منهم: أتقتتلون وفيكم نبي الله فأمسكوا حتى أتوا موسى، فقصوا عليه القصة، فأمرهم أن يذبحوا بقرة فيضربوه ببعضها، فقالوا:
أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين
[البقرة: 67]. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: قتيل من بني إسرائيل طرح في سبط من الأسباط، فأتى أهل ذلك السبط إلى ذلك السبط، فقالوا: أنتم والله قتلتم صاحبنا، فقالوا: لا والله. فأتوا إلى موسى فقالوا: هذا قتيلنا بين أظهرهم، وهم والله قتلوه، فقالوا: لا والله يا نبي الله طرح علينا. فقال لهم موسى صلى الله عليه وسلم:
إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة
[البقرة: 67]. قال أبو جعفر: فكان اختلافهم وتنازعهم وخصامهم بينهم في أمر القتيل الذي ذكرنا أمره على ما روينا من علمائنا من أهل التأويل هو الدرء الذي قال الله جل ثناؤه لذريتهم وبقايا أولادهم: { فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون }. القول في تأويل قوله تعالى: { والله مخرج ما كنتم تكتمون }. ويعني بقوله: { والله مخرج ما كنتم تكتمون } والله معلن ما كنتم تسرونه من قتل القتيل الذي قتلتم ثم ادارأتم فيه. ومعنى الإخراج في هذا الموضع: الإظهار والإعلان لمن خفي ذلك عنه وإطلاعهم عليه، كما قال الله تعالى ذكره:
ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السموت والأرض
[النمل: 25] يعني بذلك: يظهره ويطلعه من مخبئه بعد خفائه. والذي كانوا يكتمونه فأخرجه هو قتل القاتل القتيل، كما كتم ذلك القاتل ومن علمه ممن شايعه على ذلك حتى أظهره الله وأخرجه، فأعلن أمره لمن لا يعلم أمره. وعني جل ذكره بقوله: { تكتمون } تسرون وتغيبون. كما: حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: { والله مخرج ما كنتم تكتمون } قال: تغيبون. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { ما كنتم تكتمون } ما كنتم تغيبون.
Unknown page