Jamic Bayan
جامع البيان في تفسير القرآن
[2.39]
يعني: والذين جحدوا آياتي وكذبوا رسلي، وآيات الله: حججه وأدلته على وحدانيته وربوبيته، وما جاءت به الرسل من الأعلام والشواهد على ذلك، وعلى صدقها فيما أنبأت عن ربها. وقد بينا أن معنى الكفر: التغطية على الشيء. { أولئك أصحب النار } يعني أهلها الذين هم أهلها دون غيرهم المخلدون فيها أبدا إلى غير أمد ولا نهاية، كما: حدثنا به عقبة بن سنان البصري، قال: حدثنا غسان بن مضر، قال: حدثنا سعيد بن يزيد، وحدثنا سوار بن عبد الله العنبري، قال: حدثنا بشر بن المفضل، قال: حدثنا أبو مسلمة سعيد بن يزيد، وحدثني يعقوب بن إبراهيم، وأبو بكر بن عون، قالا: حدثنا إسماعيل بن علية، عن سعيد بن يزيد، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون ولكن أقواما أصابتهم النار بخطاياهم أو بذنوبهم فأماتتهم إماتة حتى إذا صاروا فحما أذن في الشفاعة "
[2.40]
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه: { يبني إسرائيل }: يا ولد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن وكان يعقوب يدعى إسرائيل، بمعنى عبد الله وصفوته من خلقه وإيل هو الله وإسرا: هو العبد، كما قيل جبريل بمعنى عبد الله. وكما: حدثنا ابن حميد، حدثنا جرير عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن عمير مولى ابن عباس، عن ابن عباس: إن إسرائيل كقولك عبد الله. وحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن المنهال، عن عبد الله بن الحارث، قال: إيل: الله بالعبرانية. وإنما خاطب الله جل ثناؤه بقوله: { يبني إسرائيل } أحبار اليهود من بني إسرائيل الذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنسبهم جل ذكره إلى يعقوب، كما نسب ذرية آدم إلى آدم، فقال:
يابني ءادم خذوا زينتكم عند كل مسجد
[الأعراف: 31] وما أشبه ذلك. وإنما خصهم بالخطاب في هذه الآية والتي بعدها من الآي التي ذكرهم فيها نعمه، وإن كان قد تقدم ما أنزل فيهم وفي غيرهم في أول هذه السورة ما قد تقدم أن الذي احتج به من الحجج والآيات التي فيها أنباء أسلافهم وأخبار أوائلهم، وقصص الأمور التي هم بعلمها مخصوصون دون غيرهم من سائر الأمم ليس عند غيرهم من العلم بصحته، وحقيقته مثل الذي لهم من العلم به إلا لمن اقتبس علم ذلك منهم. فعرفهم باطلاع محمد على علمها مع بعد قومه وعشيرته من معرفتها، وقلة مزاولة محمد صلى الله عليه وسلم دراسة الكتب التي فيها أنباء ذلك، أن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يصل إلى علم ذلك إلا بوحي من الله وتنزيل منه ذلك إليه لأنهم من علم صحة ذلك بمحل ليس به من الأمم غيرهم. فلذلك جل ثناؤه خص بقوله: { يبني إسرائيل } خطابهم كما: حدثنا به ابن حميد، قال: حدثنا سلمة عن ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قوله: { يبني إسرائيل } قال: يا أهل الكتاب للأحبار من يهود. القول في تأويل قوله تعالى: { اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم }. قال أبو جعفر: ونعمته التي أنعم بها على بني إسرائيل جل ذكره اصطفاؤه منهم الرسل، وإنزاله عليهم الكتب، واستنقاذه إياهم مما كانوا فيه من البلاء والضراء من فرعون وقومه، إلى التمكين لهم في الأرض، وتفجير عيون الماء من الحجر، وإطعام المن والسلوى. فأمر جل ثناؤه أعقابهم أن يكون ما سلف منه إلى آبائهم على ذكر، وأن لا ينسوا صنيعه إلى أسلافهم وآبائهم، فيحل بهم من النقم ما أحل بمن نسي نعمه عنده منهم وكفرها وجحد صنائعه عنده.
كما: حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: { اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم } أي آلائي عندكم وعند آبائكم لما كان نجاهم به من فرعون وقومه. وحدثني المثنى، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية في قوله: { اذكروا نعمتي } قال: نعمته أن جعل منهم الأنبياء والرسل، وأنزل عليهم الكتب. وحدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم } يعني نعمته التي أنعم على بني إسرائيل فيما سمى وفيما سوى ذلك، فجر لهم الحجر، وأنزل عليهم المن والسلوى، وأنجاهم عن عبودية آل فرعون. وحدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: { نعمتي التي أنعمت عليكم } قال: نعمه عامة، ولا نعمة أفضل من الإسلام، والنعم بعد تبع لها. وقرأ قول الله
يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين
[الحجرات: 17] الآية. وتذكير الله الذين ذكرهم جل ثناؤه بهذه الآية من نعمه على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، نظير تذكير موسى صلوات الله عليه أسلافهم على عهده الذي أخبر الله عنه أنه قال لهم. وذلك قوله:
Unknown page