201

Jamic Athar

جامع الآثار في السير ومولد المختار

Genres

قال: فانظر إذا بلغ الظل مكان كذا وكذا فأيقظني إذا غلبتني عيني.

فنام، فقلت في نفسي: هذا لم ينم منذ كذا وكذا، وقد رأيت بعض ذلك، لأدعنه ينام حتى يشتفي من النوم.

قال: وكان فيما يمشي وأنا معه يقبل علي فيعظني ويخبرني أن لي ربا وأن بين يدي جنة ونارا وحسابا، ويعلمني ويذكرني نحو ما يذكر القوم يوم الأحد، حتى قال فيما يقول: يا سلمان، إن الله عز وجل سوف يبعث رسولا اسمه أحمد يخرج بتهمة، وكان رجلا أعجميا لا يحسن أن يقول: "تهامة" ولا "محمد"، علامته أن يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه خاتم النبوة، وهذا زمانه الذي يخرج فيه قد تقارب، فأما أنا فإني شيخ كبير ولا أحسبني أدركه، فإن أدركته أنت فصدقه واتبعه.

قال: قلت: وإن أمرني بترك دينك وما أنت عليه.

قال: ولو أمرك، فإن الحق فيما يأمر به، ورضى الرحمن فيما قال.

فلم يمض إلا يسير حتى استيقظ فزعا يذكر الله، فقال لي: يا سلمان، مضى الفيء من هذا المكان ولم أذكر الله، أين ما كنت جعلت لي على نفسك؟!

قلت: أخبرتني أنك لم تنم منذ كذا وكذا، وقد رأيت بعض ذلك، فأحببت أن تشتفي من النوم، فحمد الله وقام فخرج وتبعته، فمر بالمقعد، فقال المقعد: يا عبد الله، دخلت فسألتك فلم تعطني، وخرجت فسألتك فلم تعطني، فقام ينظر، هل يرى أحدا، فلم يره، فدنا منه فقال له: ناولني يدك فناوله، فقال: قم بسم الله، فقام كأنه نشط من عقال صحيحا لا عيب فيه، فخلى عن يده، فانطلق ذاهبا فكان لا يلوي على أحد ولا يقوم عليه.

Page 261