183

Jamic Athar

جامع الآثار في السير ومولد المختار

Genres

فدخلت معه، وكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها، فإذا جمعوا إليه منها شيئا اكتنزه لنفسه ولم يعطه للمساكين، حتى جمع سبع قلال من ذهب وورق، فأبغضته بغضا شديدا لما رأيته يصنع، ثم مات، فاجتمع النصارى ليدفنوه، فقلت لهم: إن هذا كان رجل سوء، يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها، فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه ولم يعط المساكين منها شيئا.

فقالوا: وما علمك بذلك؟

قلت: أنا أدلكم على كنزه.

قالوا: فدلنا عليه.

قال: فأريتهم موضعه، فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهبا وورقا، فلما رأوها قالوا: والله لا ندفنه أبدا، فصلبوه ثم رموه بالحجارة، وجاؤوا برجل آخر فجعلوه مكانه.

قال: ويقول سلمان رضي الله عنه: فما رأيت رجلا -يعني: لا يصلي الخمس- أرى أنه أفضل منه أزهد في الدنيا، ولا أرغب في الآخرة، ولا أدأب ليلا ونهارا منه.

قال: فأحببته حبا لم أحبه من قبله، فأقمت معه زمانا، ثم حضرته الوفاة فقلت له: يا فلان، إني كنت معك فأحببتك حبا لم أحبه من قبلك، وقد حضرك ما ترى من أمر الله عز وجل، فإلى من توصي بي؟ وبم تأمرني؟

Page 243