155

============================================================

الانصراف، فقال له مسرعا يا أمير المؤمنين لم يكن بالطريق ضيق فأوسعه عليك، وليس لي جرم فأخشاك والظن بك حسن لا تضر من لا ذتب له، فأعجبه كلامه وحسن صورته، فقال له: ما اسمك واسم أبيك؟ فقال له محمد بن علي الرضا فترحم على آبيه وساق جواده، وكان معه بزاة للصيد، قلما بعد عن العمارة أرسل بازه على دراجة فغاب عنها، ثم عاد من الجو وفي منقاره سمكة صغيرة، وبها بقاء الحياق فتعجب من ذلك غاية التعجب، فرجع فراى الصبيان على حالهم، ففروا إلا محمد، فدنا منه وقال ما في يدي؟ فقال يا أمير المؤمنين، إن الله خلق في بحر قدرته سمكا صغارا يصيدها بزاة الملوك والخلفاء، فيختبر بها سلالة أهل بيت المصطفى، فقال: أنت ابن الرضا حقا، فاخذه معه وأحسن إليه وبالغ في اكرامه، قلم يزل مشفقا به لما ظهر له بعد ذلك من فضله وعلمه وكمال عقله وظهور برهانه على صغر سنه، وعزم على تزريجه بابنته أم الفضل، نصمم على ذلك، فمنعه العباسيون خوفا من آن يعهد إليه كما عهد إلى أبيه، فذكر لهم أنه إنما اختاره لتميزه على كافة أهل الفضل علما ومعرفة وحلما مع صغر سنه، فتنازعوا في اتصاف محمد بذلك ثم تواعدوا على آن يرسلوا إليه من يختبره، فأرسلوا إليه يحيى بن أكثم، ووعدوه بشيء كثير إن قطع لهم محمدا فحضروا الخليفة ومعهم ابن أكثم وخواص الدولة، فأمر المامون بفرش حسن لمحمد، فجلس عليه فسأله يحيى عن مسائل آجابه عنها بأحسن جواب وأوضحه، فقال له الخليفة، أحسنت يا أبا جعفر، فإن أردت أن تسأل يحيى ولو مسألة واحدة، فقال له: ما تقول برجل نظر إلى امرأة أول النهار حراما ثم حلت له عند ارتفاعه ثم حرمت عليه عند الظهر م حلت له العصر ثم حرمت عليه المغرب ثم حلت له العشاء، ثم حرمت عليه نصف الليل ثم حلت له الفجر، فقال يحيى: لا آدري، فقال محمد: هي آمه نظرها اجنبي بشهوة وهو حرام، ثم اشتراها ارتفاع النهار ثم أعتقها الظهر وتزوجها العصر، وظاهر منها المغرب وكفر العشاء وطلقها رجعيا نصف الليل وراجعها الفجر، فعند ذلك قال المأمون للعباسيين، قد عرفتم ما كنتم تنكرون ثم زوجه في ذلك المجلس ابتته أم الفضل ثم توجه بها إلى

Page 155