وأما قولهم في أن الله يعذب على فعله، فهذا رد لكتابه، قال الله: {ذوقوا ما كنتم تعملون}، و {[ذوقوا] ما كنتم تكسبون}، وقال: {[ثم] توفى كل نفس ما كسبت}، ولم يقل ما عملنا ولا جبرنا، فلا يجوز قولهم ذلك، وقد ضلوا به.
مسألة:[الحجة على من أثبت الإيمان لمن انتهك المحارم]
وسأل عمن أثبت الإيمان لمن انتهك محارم الله، ما الحجة عليه؟
قيل له: الحجة قد قلناها فأكثرنا؛ غير أن الله قد ذم من ساوى بين ذلك، وأثبت الإيمان لأهل الكبائر، قال الله للمؤمنين: {لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم}. وقال: {لئن أشركت ليحبطن عملك}، فأحبط العمل بالشرك، وبالجهر للنبي، وإحباط العمل يوجب النار، ولا خلاف بين أحد أن المشرك ليس بمؤمن، وقد حبط عمله، وكل قول يحبط العمل فهو كذلك، وصاحبه خارج من الإيمان، وقد قال الله: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون}.
فإذا لم يجعلهم الله كذلك، ولم يسو بينهم؛ فمن ساوى بينهم خرج من الإيمان، ومن تولاهم أو أثبت لهم الإيمان فقد قال: {أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون}، فمن ساوى بين ذلك فقد خرج من قول المسلمين، وحكم بغير كتاب رب العالمين، {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}.
فإن قال قائل منهم: لعل الله يعذب من قال: "أدخله الجنة"، أو قال: "يغفر لمن قال: إني أعذبه".
قيل له: وهذا شاك في وعد الله ووعيده، وشاك في قول الله، غير مصدق به، والشاك في ذلك هالك غير سالم.
Page 192