143

Jamic

جامع أبي الحسن البسيوي جديد

Genres

قيل له: صدق الله فيما قال، وفي كل ما قضى به وحكم، ||قد قال: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا}|| وهذا قضاء وصية، وأمر ببر الوالدين.

وقولك: "ولم يقض بعقوقهما": فالقول: إنه لم يقض بعقوقهما آمرا، وإنما أوصى بذلك، ونهى عن عقوقهما، وهو قضاء حق. فإن عقهما أحد من أولادهما فقد حكم وقضى على العاق بالعقوبة، فقد قضى بحق وعلم وكتاب أن بعض الأولاد يعق والديه، فذلك قضاء علم وكتاب. والقضاء ليس للخصم على الله حجة، وبالله التوفيق.

9- باب:

مسألة: في الجبر والضلال والقضاء

- وسأل عن الضلال، فقد مضى الجواب أن من الضلال: الهلاك، ومنه الإغواء، وقد قال في قصة إبليس: {قال رب بمآ أغويتني}.

- وسأل عن الجبر، فقال: هل جبر الله أحدا على طاعة أو معصية؟

قيل له: لا، لم يجبر الله أحدا على فعل المعاصي،/102/ ولم يعملوا خلاف ما علم الله، ولا مخرج للعباد من علم الله.

فإن قال: فهل قضى بالباطل؟

قيل له: لا؛ إن الله يقضي بالحق، ولا يقضي بالباطل؛ لأن هذا يتوهم أن قضاء الله باطل، وهذا ما لا يجوز، ولكن قضاء الله الذي حكم، فصار الباطل باطلا ممن فعله، فكذلك قضاء حكم أن المعصية معصية من المأمور إن لم يفعل ما أمره به وعصى الآمر له، وذلك من الله قضاء بالحق لا بالباطل.

وقضاء الخلق أن خلق الله الباطل قبيحا.

وقضاء العلم أن فعل المعاصي قبيح والطاعة حسنة.

وقضاء الكتاب: كتب أن أهل المعاصي سيعصون ويفسدون، ولم يقض بذلك آمرا، وقد قضاه ناهيا عن فعل القبائح والمعاصي، ولا يخرج العباد من قضاء الله وقدره، وعلمه بهم محيط، وهم صائرون إلى مشيئة الله كما شاء وعلم.

فإن قال: فأحب الله الفساد والفحشاء والمنكر؟!

قيل له: لا؛ بل سخطه، وقبحه، ونهى عنه، وذم فاعله.

فإن قال: فكيف يكون قضاؤه؟

Page 143