114

Jamic

جامع أبي الحسن البسيوي جديد

Genres

قيل له: لا، إنما ذلك جعلهم قردة عقوبة منه لهم في اعتدائهم في السبت.

وأما قول من قال: أراد الخير والصلاح ولم يرد الكفر والضلال؛ فإن الجواب عليه قد مضى فيما تقدم، أن الله أراد الصلاح ممن أتى به مختارا غير مكره طاعة، ولم يرد أن يكون الصلاح معصية، ولم يرد الكفر والضلال إيمانا ولا طاعة، ولكن أراد الكفر من فعل الكافر معصية غير طاعة، وضلالا غير هدى، وكفرا غير إيمان، فهكذا القول.

مسألة: [في معنى {تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة}]

- وسأل عن قول الله: {تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة}؟

قال: فأخبر أنه أراد غير ما أرادوا؟

قيل له: قوله لهم: {تريدون عرض الدنيا} لا تبطل إرادتهم إرادة الله؛ لأنهم قد يريدون شيئا لا يبلغونه، ويريد الله خلافا لذلك فيكون ما أراد.

وإنما هذا خطاب للنبي ^ في أخذ الفداء، ولم يكن تعالى أباح لهم ذلك، وفعلوه ولم يستأمروه، فقال لهم: تريدون عرضا من الدنيا يسيرا من أخذ الفداء، والله يريد بكم الظفر بعدوكم والأجر في الآخرة، ولم يكن أراد أخذهم الفداء طاعة؛ لأنه لم يأمرهم، وأراده خطأ ولذلك عاتبهم، وتابوا من الخطإ، وليس هذا حجة لمن يريد إبطال إرادة الله في خلقه تعالى.

فإن قال: فقوله: {يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم...}، {ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما}. قال: فأخبر أنه أراد من الخلق الهداية.

قيل له: هذا خطاب للمؤمنين، أراد بما أنزل أن يبين لهم ويهديهم سنن الذين من قبلهم من النبيين فيما أنزل عليهم.

Page 114