Jāmiʿ Ibn Barka j. 1
جامع ابن بركة ج1
Genres
ودليلنا على من وافقنا في التحريم للحوم السباع وخالفنا في سؤرها أن السؤر أيضا نجس، إنا لما رأينا الخنزير حرام لحمه ولبنه وسؤره نجس بالإجماع، وجب أن يكون كل ما حرم لحمه ولبنه من السباع سؤره نجس، فإن احتج محتج فقال: إنكم تحوزون سؤر السنور وتحرمون لحمه وهو سبع، ونحن أيضا حرمنا لحم السباع وجوزنا سؤرها، قيل له: ليس يلزمنا هذا في السباع؛ لأن السباع لا بلوى علينا بها ولا نكاد نبتلي بها كالسنور الذي خففت المحنة عنا به لأجل البلوى به والله أعلم. وسؤر السباع وسائر النجاسات كالبول وغيره مما لا عين له قائمة فإنه يطهر بثلاث غسلات، لما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا؛ فإنه لا يدري أين باتت يده) (¬1) احتياطا من كل نجاسة أصابتها في حال نومه نحو كلب لحسها، أو بال عليها، أو وقعت على نجاسة، أو في نومه مما يتوهم أصابتها في حال (¬2) نومه، وأبو هريرة روى الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم . قال: (طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه أن يغسله سبعا) (¬3) ، وروى الخبر جميعا ثم فتواه في ولوغ الكلب ثلاث غسلات ثم لا يختلف عنده من خالفنا أن سؤر الكلب وبول الإنسان وغيره من النجاسات المائعات في البئر حكمها واحد في باب التطهير، وموافقتهم لنا في باب تطهير البئر يدل على صحة قولنا إذ لم يختلف واختلف قول من خالفنا والله أعلم.
¬__________
(¬1) تقدم ذكره.
(¬2) في (ج) فيحال.
(¬3) مسلم والنسائي.
Page 280