228

باب في التيمم

الطهارة بالصعيد واجبة عند عدم الماء لقول الله عز وجل: { فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا } (¬1) ، والصعيد في كل كلام العرب وهو التراب، وقيل أيضا هو ما صعد على وجه الأرض منها، ومعنى قوله: { طيبا } ?هو الطاهر الحلال، والله أعلم.

والتيمم في لغة العرب هو الطلب، وقد يقال إن معنى تيمموا صعيدا أي اقصدوا (¬2) صعيدا، وهو ما تصاعد على وجه الأرض؛ وأن النبي صلى الله عليه وسلم تيمم بالتراب، وقال للسائل: ( هو كافيك ما لم تجد (¬3) الماء ولو إلى سنين) (¬4) ، وكان أمره بذلك مضارعا لفعله، وكان الكتاب شاهدا بهذه السنة، واتفقت الأمة أن التراب يؤدي به الفرض عند عدم الماء، واختلفوا فيما سوى ذلك عن غير التراب، ونحن معهم على ما أجمعوا عليه حتى يتفقوا فيما اختلفوا فيه، والشاهد من اللغة على صحة ذلك أن العرب تسمي التراب صعيدا ولا تسمى ما سوى ذلك صعيدا. وفرض التيمم أربع خصال: النية، والصعيد الطيب، وضربة للوجه، وضربة لليدين، الحجة لوجوب النية والصعيد الطيب قد تقدم بيان ذلك، وأما وجوب الضربتين فهو ما رواه عمار بن ياسر وعبد الله بن عمر أنهما قالا: تيممنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فضربنا ضربة للوجه وضربة لليدين (¬5) .

ولا يجوز أن يصلي المصلي صلاتين فريضتين بتيمم واحد، إلا في حال جمعهما، فإنهما في الحكم في الصلاة كصلاة واحدة، وقد وجدت لبعض أصحابنا البصريين تجويز الصلاتين، والثلاث بتيمم واحد، وأن التيمم عندهم الصعيد طهارة تامة كالماء، فإن عارض معارض فقال: لم أجزتم أن يصلي المصلي التطوع الكثير بتيمم واحد إذا كان في مقام واحد؟ قيل له: أجزنا ذلك كما قلنا في الجميع (¬6) لأن التطوع وإن كثر فهو كالصلاة الواحدة إذا كان في مقام واحد.

¬__________

(¬1) النساء: 43.

(¬2) في (ج) يقصدوا.

(¬3) في (ج) تجدوا.

(¬4) تقدم ذكره.

(¬5) - متفق عليه.

(¬6) في (أ) الجميع.

Page 228