وقوله ليس بحجة في دعواه، فإن قال قائل: أليس للحاكم أن يقضي عن الميت الدين من ماله، فلم لا يجوز لصاحب الدين إذا عدم البينة وعدم الحاكم، وقدر على أن يأخذ من مال الميت مما خلفه فيبيع ذلك، ويقضي دينه منه؟ قيل له: إن الحاكم هو الذي جعل لذلك ونصب له، وليس ذلك للعوام، ولو جاز ذلك جاز لرجل من العوام أن يقوم فيبيع من مال الميت ويقضي عنه دينه، كما يجوز للحاكم. فإن قال: فإن جحده وقدر على شيء من ماله، هل له أن يأخذه من ماله؟ قيل له: إذا جحده أو هلك فكان ذلك سواء؛ لأنه لا يقدر على أخذه منه بالجحد والموت، فإن قال: لم لا يأخذه ويقتضي حقه من ماله ببيع أو قيمة، ويكون هذا اتفاق بينهم (¬1) ؟ قيل له: ليس له ذلك عند هذه الطائفة من أجل أن عين ماله غير ما أخذه،فلا يجوزأن يملك هذا المتاع إلا بشراء، ولا يجوز له أيضا أن يتصرف بالبيع في مال لا يملكه، إلا بوكالة أو وصاية أو بملك تقدم له فيه. فإن قال: فإن وجد دراهم، هل له أن يأخذها من ذهب له عليه؟ قيل له: وهذا أيضا لا يجوز، فإن قال: لم لا يجوز والذهب والفضة بعضه ببعض، ويحمل بعضها على بعض في الزكاة وهما أثمان للأشياء؟ قيل له: لا يجوز؛ لأن الدراهم تحتاج إلى مصارفة، ولا يجوز أن يملكها إلا به وذلك يتعذر عليه. فإن قال: أليس " قد أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لهند بنت عتبة وقد شكت إليه من زوجها أبي سفيان بن حرب أنه قطع عنها وعن أولادها الكسوة والنفقة، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تأخذ من ماله بغير إذنه" (¬2) ؟ قيل له: ورد لخبر بأنه أذن لها أن تأخذ حقها وحق صبيانها من ماله، وليس في الخبر أنه أمرها أن تأخذ غير ما يجب لها وتبيعه وتملكه (¬3) عليه من حق منعها إياه، سوى ما صار إليها، بل الذي يجب أن يكون (¬4)
¬__________
(¬1) في (ج) منهم.
(¬2) متفق عليه.
(¬3) في (ج) أو تملكه.
(¬4) ساقطة من (ج)..
Page 140