33

Jāmiʿ turāth al-ʿAllāma al-Albānī fī al-manhaj waʾl-aḥdāth al-kubrā

جامع تراث العلامة الألباني في المنهج والأحداث الكبرى

Publisher

مركز النعمان للبحوث والدراسات الإسلامية وتحقيق التراث والترجمة

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م

Publisher Location

صنعاء - اليمن

Genres

الحكمة في كلام الإمام الشافعي، حيث استدل بهذه الآية على الإجماع، أي: من سلك غير سبيل الصحابة الذين هم العصمة في تعبيرنا السابق، وهم الجماعة التي شهد لها الرسول ﵇ بأنها الفرقة الناجية، ومن سلك سبيلهم، هؤلاء هم الذين لا يجوز لمن كان يريد أن ينجومن عذاب الله يوم القيامة أن يخالف سبيلهم، ولذلك قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ١١٥].
إذًا: على المسلمين اليوم في آخر الزمان أن يعرفوا أمرين اثنين:
أولًا: من هم المسلمون المذكورون في هذه الآية؟ ثم ما الحكمة في أن الله ﷿ أراد بها الصحابة الذين هم السلف الصالح ومن سار سبيلهم؟
قد سبق بيان وجواب هذه السؤال أوهذه الحكمة، وخلاصة ذلك أن الصحابة كانوا قريبي عهد بتلقي الوحي غضًا طريًا من فم النبي ﵌ أولًا، ثم شاهدوا نبيهم ﵌ الذي عاش بين ظهرانيهم يُطَبِّق الأحكام المنصوص عليها في القرآن، والتي جاء ذِكْرُ كثير منها في أقواله ﵊، بينما الخلف لم يكن لهم هذا الفضل، من سماع القرآن وأحاديث الرسول ﵇ منه مباشرة، ثم لم يكن لهم فضل الاطلاع على تطبيق الرسول ﵇ لنصوص الكتاب والسنة تطبيقًا عمليًا.
ومن الحكمة التي جاء النصُ عليها في السُنَّة قوله ﵇: «ليس الخبر كالمعاينة» ومنه أخذ الشاعر قوله:
وما راءٍ كمن سَمِعَا.
فإذن: الذين لم يشهدوا الرسول ﵇ ليسوا كأصحابه الذين شاهدوه

1 / 33