Jamʿ al-wasāʾil fī sharḥ al-shamāʾil ṭ. al-maṭbaʿa al-adabiyya
جمع الوسائل في شرح الشمائل ط المطبعة الأدبية
Publisher
المطبعة الشرفية - مصر
Publisher Location
طبع على نفقة مصطفى البابي الحلبي وإخوته
Genres
Prophetic Biography
وسلم هَذَا بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْأَزْمَانِ فَإِنَّهُ ﷺ لَمْ يَحْلِقْ رَأْسَهُ فِي سِنِي الْهِجْرَةِ إِلَّا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ ثُمَّ عَامَ هِجْرَةِ الْقَضَاءِ ثُمَّ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ. وَنَقَلَ الْعَسْقَلَانِيُّ عَنِ ابْنِ التِّينِ تَبَعًا لِلدَّاوُدِيِّ: قَوْلُهُ: «يَبْلُغُ شَعْرُهُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ» مُغَايِرٌ لِقَوْلِهِ «إِلَى مَنْكِبَيْهِ» . وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ مُعْظَمَ شَعْرِهِ كَانَ عِنْدَ شَحْمَةِ أُذُنَيْهِ، وَمَا اسْتَرْسَلَ مِنْهُ يَصِلُ إِلَى الْمَنْكِبَيْنِ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الْحَالَيْنِ. وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا وَرَدَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ فِي الْمَنَاقِبِ بِلَفْظِ: لَهُ شَعْرٌ يَبْلُغُ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ إِلَى مَنْكِبَيْهِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الطَّوِيلَ مِنْهُ يَصِلُ إِلَى الْمَنْكِبَيْنِ وَغَيْرُهُ إِلَى شَحْمَةِ الْأُذُنَيْنِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى مُنْتَهِيًا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ إِلَى مَنْكِبَيْهِ، وَاللَّهُ ﷾ أَعْلَمُ.
(بَابُ مَا جَاءَ فِي تَرَجُّلِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
التَّرَجُّلُ وَالتَّرْجِيلُ: تَسْرِيحُ الشَّعْرِ وَتَنْظِيفُهُ وَتَحْسِينُهُ، وَاخْتَارَ التَّرَجُّلَ فِي الْعُنْوَانِ مَعَ وُرُودِ بَعْضِ الْأَحَادِيثِ مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ إِشَارَةً إِلَى تَرَادُفِهِمَا وَغَلَبَةِ وُرُودِ التَّفَعُّلِ فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ. وَفِي الْمَشَارِقِ: رَجَّلَ شَعْرَهُ إِذَا مَشَّطَهُ بِمَاءٍ أَوْ دُهْنٍ لِيَلِينَ وَيُرْسِلُ الثَّائِرَ وَيَمُدُّ الْمُنْقَبِضَ. قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ نَقْلًا عَنِ ابْنِ بَطَّالٍ: هُوَ مِنْ بَابِ النَّظَافَةِ، وَقَدْ نَدَبَ الشَّرْعُ إِلَيْهِ، أَيْ بِقَوْلِهِ: النَّظَافَةُ مِنَ الدِّينِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ عُنْوَانُ الْبَاطِنِ قَالَ: وَأَمَّا حَدِيثُ النَّهْيِ عَنِ التَّرَجُّلِ إِلَّا غِبًّا فَالْمُرَادُ تَرْكُ الْمُبَالَغَةِ فِي التَّرَفُّهِ الْمُشْعِرِ بِأَنَّهَا مِنْ هَوَى النَّفْسِ، وَالْمُشِيرُ بِأَنَّهَا فِي تَنْظِيفِ الْبَاطِنِ أَوْلَى وَالْمُومِئُ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ: الْبَذَاذَةُ مِنَ الْإِيمَانِ ; وَهِيَ رَثَاثَةُ الْهَيْئَةِ وَتَرْكُ التَّرَفِهِ وَالتَّوَاضُعِ مِنَ الْقُدْرَةِ لَا بِسَبَبِ جَحْدِ النِّعْمَةِ، قَالَ مِيرَكُ: وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ
مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الصَّحَابَةِ يُقَالُ لَهُ عُبَيْدٌ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَنْهَى عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْإِرْفَاهِ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهُ فَاءٌ وَآخِرُهُ هَاءٌ، التَّنَعُّمُ، وَقَالَ ابْنُ بُرَيْدَةَ: الْإِرْفَاهُ التَّرَجُّلُ، هَكَذَا نَقَلَ الشَّيْخُ عَنْ تَخْرِيجِ النَّسَائِيِّ، وَوَقَعَ فِي أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِفَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ: مَالِي أَرَاكَ شَعِثًا؟ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَنْهَانَا عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْإِرْفَاهِ. فَلَعَلَّ لَفْظَ فَضَالَةَ سَقَطَ مِنْ شَرْحِ الشَّيْخِ أَوْ مِنْ أَصْلِ النَّسَائِيِّ ; إِذِ الصَّوَابُ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الصَّحَابَةِ يُقَالُ لَهُ فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الشَّيْخُ: وَقُيِّدَ فِي الْحَدِيثِ بِالْكَثِيرِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْوَسَطَ الْمُعْتَدِلَ مِنْهُ لَا يُذَمُّ وَبِذَلِكَ يُجْمَعُ بَيْنَ الْأَخْبَارِ. وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ. وَفِي الْمُوَطَّأِ: عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَأَى رَجُلًا ثَائِرَ الشَّعْرِ وَاللِّحْيَةِ فَأَشَارَ إِلَيْهِ بِإِصْلَاحِ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ. وَهُوَ مُرْسَلٌ صَحِيحُ السَّنَدِ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ.
(حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ): ثِقَةٌ، مُتْقِنٌ. (حَدَّثَنَا مَعْنُ): - بِفَتْحٍ فَسُكُونِ مُهْمَلَةٍ، - بْنُ عِيسَى، - كَمَا فِي نُسْخَةٍ - بْنِ يَحْيَى الْأَشْجَعِيُّ، مَوْلَاهُمْ، ثِقَةٌ، ثَبْتٌ، أَخْرَجَ حَدِيثَهُ السِّتَّةُ إِلَّا ابْنَ مَاجَهْ. (
1 / 82