Jamʿ al-wasāʾil fī sharḥ al-shamāʾil ṭ. al-maṭbaʿa al-adabiyya
جمع الوسائل في شرح الشمائل ط المطبعة الأدبية
Publisher
المطبعة الشرفية - مصر
Publisher Location
طبع على نفقة مصطفى البابي الحلبي وإخوته
Genres
Prophetic Biography
لِعَدَمِ
حُكْمِهِمْ بِالْعِلْمِ، انْتَهَى. وَوَجْهُ الْعَجَبِ أَنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ التَّمْلِيكِ وَالْإِبَاحَةِ، فَمَسْأَلَةُ بَرِيرَةَ مَحْمُولَةٌ عَلَى إِهْدَائِهَا لَهُ ﷺ بَعْدَ تَمَلُّكِهَا عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةَ بِأَخْذِهَا، وَمَسْأَلَةُ الْأَصْحَابِ هُنَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى إِبَاحَةِ الْأَكْلِ لَهُمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَلَا يَصِحُّ لَهُمُ الْإِبَاحَةُ لِغَيْرِهِمْ، وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ أَنَّهُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: كُلُوا، وَأَمْسَكَ. (قَالَ): أَيْ بُرَيْدَةُ بْنُ الْحُصَيْبِ. (فَرَفَعَهَا): أَيْ سَلْمَانُ مِنْ عِنْدِهِ ﷺ إِلَى أَصْحَابِهِ أَوْ فَرَفَعَهَا بَعْدَ فَرَاغِهِمْ مِنْ أَكْلِهَا، وَقَالَ الْحَنَفِيُّ: هَذَا بِظَاهِرِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَصْحَابَهُ ﷺ أَيْضًا لَمْ يَأْكُلُوا مِنْهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ، انْتَهَى. وَلَمْ يَظْهَرْ وَجْهٌ لِعَدَمِ أَكْلِ الْأَصْحَابِ مَعَ مُنَافَاتِهِ لِظَاهِرِ رِوَايَةِ أَنَّهُ ﷺ قَالَ لَهُمْ: كُلُوا، وَأَمْسَكَ يَدَهُ. (فَجَاءَ): أَيْ سَلْمَانُ. (الْغَدَ): بِالنَّصْبِ أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا أَيْ يَوْمًا أَوْ وَقْتًا آخَرَ بَعْدَ ذَلِكَ. (بِمِثْلِهِ): أَيْ بِنَحْوِ مَا جَاءَ بِهِ أَوَّلًا، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ ابْنِ حَجَرٍ أَيْ بِرُطَبٍ عَلَى مَائِدَةٍ، وَمِنْ قَوْلِ الْعِصَامِ: الضَّمِيرُ لِلْمَائِدَةِ لِتَأْوِيلِهَا بِالْخِوَانِ إِذْ لَا يَبْقَى فَائِدَةٌ لِلْمِثْلِ وَتَغْيِيرُ الْخِوَانِ غَيْرُ مُحَقَّقٍ، ثُمَّ قَالَ: وَلَكَ أَنَّ تَجْعَلَ قَوْلَهُ بِمِثْلِهِ حَالًا أَيْ مُلْتَبِسًا بِمِثْلِ هَذَا الْمَجِيءِ، يَعْنِي أَنَّ الْبَاءَ عَلَى مَا سَبَقَ لِلتَّعْدِيَةِ أَوِ الْمُصَاحَبَةِ. (فَوَضَعَهُ): أَيْ سَلْمَانُ مِثْلَهُ أَوْ نَحْوَ مَا سَبَقَ مِنْ وَضْعِهِ. (بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا سَلْمَانُ): خَاطَبَهُ بِاسْمِهِ ثَانَوِيًّا تَلَطُّفًا عَلَى مُقْتَضَى رَسْمِهِ وَإِشْعَارًا بِدُخُولِهِ فِي السِّلْمِ وَهُوَ الْإِسْلَامُ وَتَفَاؤُلًا، فَإِنَّ الْأَسْمَاءَ تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ، وَفِي وَضْعِ اسْمِهِ عَلَى صُورَةِ التَّثْنِيَةِ إِيمَاءٌ إِلَى تَعَدُّدِ قَضِيَّتِهِ وَاسْتِسْلَامِهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى. (فَقَالَ: هَدِيَّةٌ لَكَ): قَالَ الْحَنَفِيُّ: لَعَلَّ اخْتِيَارَ كَلِمَةِ «عَلَى» فِي الصَّدَقَةِ وَكَلِمَةِ «اللَّامِ» فِي الْهَدِيَّةِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى الضُّرِّ فِيهَا وَهُوَ الذُّلُّ، وَعَدَمِهِ فِي الْهَدِيَّةِ وَهُوَ الْإِكْرَامُ، انْتَهَى. وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ إِنَّمَا تَكُونُ فِي فِعْلٍ وَاحِدٍ تَارَةً يَتَعَدَّى بِاللَّامِ وَتَارَةً
بِعَلَى كَشَهِدَ لَهُ وَشَهِدَ عَلَيْهِ، وَحَكَمَ لَهُ وَحَكَمَ عَلَيْهِ، وَدَعَا لَهُ وَدَعَا عَلَيْهِ، لَا أَنَّ اللَّامَ مَوْضُوعَةٌ
1 / 67