54

Jamc Wasail

جمع الوسائل في شرح الشمائل ط المطبعة الأدبية

Publisher

المطبعة الشرفية - مصر

Publisher Location

طبع على نفقة مصطفى البابي الحلبي وإخوته

أَوْ مُسْتَثْنَى، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ أَحَقُّ بِأَنْ يُسْأَلَ عَنْ وَصْفِهِ ﷺ لِانْحِصَارِ الْأَمْرِ فِيهِ، فَالْمَقْصُودُ مِنْهُ حَثُّ الْمُخَاطَبِ عَلَى اسْتِيصَافِهِ النَّبِيَّ ﷺ وَلِذَا قَالَ سَعِيدٌ رَاوِيهِ. (قُلْتُ صِفْهُ لِي): أَيْ بَيِّنْهُ لِأَجْلِي. (قَالَ كَانَ أَبْيَضَ مَلِيحًا): يُقَالُ: مَلُحَ الشَّيْءُ بِالضَّمِّ يَمْلُحُ مُلُوحَةً وَمَلَاحَةً أَيْ حَسُنَ فَهُوَ مَلِيحٌ وَمُلَاحٌ بِالضَّمِّ وَالتَّخْفِيفِ، وَهُوَ مَجَازٌ مَأْخُوذٌ مِنَ الْمِلْحِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ كَانَ أَزْهَرَ اللَّوْنِ مُشْرَبًا بِحُمْرَةٍ وَهَذَا غَايَةُ الْمَلَاحَةِ وَالْحُسْنِ، وَقِيلَ: الْمَلَاحَةُ بِمَعْنَى الصَّبَاحَةِ وَهِيَ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى حُسْنِ اللَّوْنِ مِنَ الْبَدَنِ. (مُقَصَّدًا): بِضَمِّ مِيمٍ وَتَشْدِيدِ صَادٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ، وَفِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ: وَكَانَ ﷺ أَبْيَضَ مُعَصِّدًا أَيْ بِالْعَيْنِ بَدَلَ الْقَافِ كَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَعِينٍ وَهُوَ الْمُوَثَّقُ الْخَلْقِ، وَرُوِيَ: «مُعْضِلًا» بِمَعْنَاهُ وَالْمَحْفُوظُ مُقَصِّدًا، انْتَهَى. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ): أَيْ تَوَسَّطْ فِيهِ وَهُوَ الَّذِي لَيْسَ بِطَوِيلٍ وَلَا قَصِيرٍ وَلَا جَسِيمٍ وَلَا نَحِيفٍ. (صَلَوَاتُ اللَّهِ): وَفِي نُسْخَةٍ «وَسَلَامُهُ» . (عَلَيْهِ): قَالَ مِيرَكُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ آخِرُ مَنْ مَاتَ فِي الدُّنْيَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ عَلَى الصَّحِيحِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْحَدِيثِ الْمُخَرَّجِ فِي الصَّحِيحِ: أَنَّهُ قَالَ ﷺ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ «مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ يَأْتِي عَلَيْهَا مِائَةُ سَنَةٍ وَهِيَ حَيَّةٌ»، وَفِي رِوَايَةٍ: صَلَّى النَّبِيُّ ﷺ صَلَاةَ الْعِشَاءِ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ فَقَالَ: «أَرَأَيْتُكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ فَإِنَّ رَأْسَ مِائَةِ سَنَةٍ لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَحَدٌ» . وَمَعَ ذَلِكَ فَالْعَجَبُ مِمَّنِ اعْتَبَرَ الْأَخْبَارَ الرَّتَنِيَّةَ وَالنُّسْطُورِيَّةَ وَغَيْرَهُمَا مِنَ الْأَكَاذِيبِ الْبَاطِلَةِ وَابْتَهَجَ بِهَذَا الْقُرْبِ الْمُزَيَّفِ وَالْعُلُوِّ الْمَوْهُومِ الْمُزَخْرَفِ حَتَّى صَارَ أُضْحُوكَةً عِنْدَ النَّقَّادِينَ مِنْ أَهْلِ هَذَا الشَّأْنِ، قَالَ الْعِصَامُ: وَالَّذِي يُشْكِلُ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ وَأَبُو الطُّفَيْلِ وُجُودُ الْخَضِرِ ﵇، فَإِنَّهُ اتَّفَقَتْ كَلِمَةُ أَهْلِ التَّصْدِيقِ عَلَى وُجُودِهِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُنْكَرَ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْخَضِرَ ﵇ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ حِينَ إِخْبَارِ النَّبِيِّ ﷺ، فَهُوَ مُسْتَثْنًى لَا يَنْفَعُ لِأَنَّ الْخَبَرَ أَنْ لَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مَنْ كَانَ فِي زَمَانِهِ لَا أَنَّهُ لَا يَبْقَى مِمَّنْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَلِأَنَّهُ بِهَذَا التَّأْوِيلِ يَنْفَتِحُ بَابُ صِدْقِ مَنْ يَدَّعِي الصُّحْبَةَ بِأَنْ يُقَالَ لَمْ يَكُنْ حِينَ إِخْبَارِ النَّبِيِّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، انْتَهَى. وَيُمْكِنُ دَفْعُهُ بِأَنَّهُ مَشْهُورٌ بِكَوْنِهِ غَالِبًا عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَبِأَنَّهُ وَعِيسَى ﵉ مَعْرُوفَانِ بِأَنَّهُمَا مِنَ الْمُعَمِّرِينَ وَبِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِ أَيْضًا فَإِنَّهُ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ مِمَّنْ أَدْرَكَ مُوسَى ﵇ فَهُوَ فِي الْمَعْنَى نَحْوُ عِيسَى ﵇ كَالْمُسْتَثْنَى. (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ): - أَيِ الطَّائِفِيُّ الثَّقَفِيُّ - بْنِ يَعْلَى أَبُو يَعْلَى، صَدُوقٌ، وَقِيلَ: الدَّارِمِيُّ السَّمَرْقَنْدِيُّ صَاحِبُ

1 / 54