372

Al-jamʿ bayna al-Ṣaḥīḥayn al-Bukhārī wa-Muslim

الجمع بين الصحيحين البخاري ومسلم

Editor

د. علي حسين البواب

Publisher

دار ابن حزم

Edition

الثانية

Publication Year

١٤٢٣هـ - ٢٠٠٢م

Publisher Location

لبنان/ بيروت

غزا رَسُول الله ﷺ غَزْوَة تَبُوك وَهُوَ يُرِيد الرّوم ونصارى الْعَرَب بِالشَّام. قَالَ ابْن شهَاب: فَأَخْبرنِي عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن كَعْب بن مَالك أَن عبد الله بن كَعْب كَانَ قَائِد كعبٍ - من بنيه - حِين عمي. قَالَ فِي حَدِيث معقل بن عبيد الله: وَكَانَ أعلم قومه وأوعاهم لأحاديث أَصْحَاب رَسُول الله ﷺ، قَالَ:
سَمِعت كَعْب بن مَالك يحدث حَدِيثه حِين تخلف عَن رَسُول الله ﷺ فِي غَزْوَة تَبُوك، قَالَ كَعْب: لم أَتَخَلَّف عَن رَسُول الله ﷺ فِي غَزْوَة غَزَاهَا قطّ إِلَّا فِي غَزْوَة تَبُوك، غير أَنِّي قد تخلفت فِي غَزْوَة بدرٍ، وَلم يُعَاتب أحدا تخلف عَنهُ، إِنَّمَا خرج رَسُول الله ﷺ والمسلمون يُرِيدُونَ عير قريشٍ، حَتَّى جمع الله بَينهم وَبَين عدوهم على غير ميعاد.
وَلَقَد شهِدت مَعَ رَسُول الله ﷺ لَيْلَة الْعقبَة حِين تواثقنا على الْإِسْلَام، وَمَا أحب أَن لي بهَا مشْهد بدرٍ، وَإِن كَانَت بدرٌ أذكر فِي النَّاس مِنْهَا.
فَكَانَ من خبري حِين تخلفت عَن رَسُول الله ﷺ فِي غَزْوَة تبوكٍ أَنِّي لم أكن قطّ أقوى وَلَا أيسر مني حِين تخلفت عَنهُ فِي تِلْكَ الْغَزْوَة. وَالله مَا جمعت قبلهَا راحلتين قطّ حَتَّى جمعتهما فِي تِلْكَ الْغَزْوَة. زَاد فِي حَدِيث عقيل وَابْن أخي الزُّهْرِيّ، وَعند البُخَارِيّ فِي حَدِيث يُونُس: وَلم يكن رَسُول الله ﷺ يُرِيد غَزْوَة إِلَّا ورى بغَيْرهَا، حَتَّى كَانَت تِلْكَ الْغَزْوَة، فَغَزَاهَا رَسُول الله ﷺ فِي حر شديدٍ، واستقبل سفرا بَعيدا وَمَفَازًا، واستقبل عدوا كثيرا، فجلا للْمُسلمين أَمرهم لِيَتَأَهَّبُوا أهبة غزوهم، فَأخْبرهُم بوجههم الَّذِي يُرِيد، والمسلمون مَعَ رَسُول الله ﷺ كثير، وَلَا يجمعهُمْ كتابٌ حَافظ، يُرِيد بذلك الدِّيوَان. قَالَ كعبٌ: فَقل رجل يُرِيد أَن يتغيب إِلَّا ظن أَن ذَلِك سيخفى مَا لم ينزل فِيهِ وَحي من الله ﷿.
وغزا رَسُول الله ﷺ تِلْكَ الْغَزْوَة حِين طابت الثِّمَار والظلال، فَأَنا إِلَيْهَا أصعر فتجهز رَسُول الله ﷺ والمسلمون مَعَه، وطفقت أغدو لكَي أتجهز مَعَهم، فأرجع وَلم أقض شَيْئا، وَأَقُول فِي نَفسِي: أَنا قادرٌ على ذَلِك إِذا أردْت، فَلم يزل ذَلِك

1 / 442