Al-Jalīs al-ṣāliḥ al-kāfī waʾl-anīs al-nāṣiḥ al-shāfī
الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي
Editor
عبد الكريم سامي الجندي
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition
الأولى ١٤٢٦ هـ
Publication Year
٢٠٠٥ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
Regions
•Iraq
Empires
Caliphs in Iraq
تعقيب الْمُؤلف
قَالَ القَاضِي: فَالْحَمْد للَّه الَّذِي هدَانَا لدينِهِ، وَالْإِيمَان بِنَبِيِّهِ، وَتَصْدِيقنَا بكتابه ووَحْيه، ووفقنا لموالاة من تقدمنا من السَّابِقين الْأَوَّلين، وتابعيهم بإحسانٍ من السّلف الصَّالِحين، وبصَّر بِأَفْضَل أَئِمَّتنَا الْخُلَفَاء الرَّاشِدين المهديين، الَّذِين سبقُونَا بِالْإِيمَان ولاتجعل فِي قُلُوبنَا غِلا للَّذين آمنُوا رَبنَا إِنَّك رءوف رَحِيم، ونبرأ إِلَى الله تَعَالَى مِمَّن عادى الأئمَّة، وَسَب الأخيار من سلف الْأمة، وَكَانَ فِيمَا وجدته عَن عمر بن ذَر، ثمَّ وجدته عَن عبد الله بن عمر، ثمَّ وجدته عَنْ عَليّ بْن أَبِي طَالِب ﵇ أَنَّهُ قَالَ - وَقَدْ ذُكر لَهُ أَن أُناسًا يَشْتمون أَصْحَابه -: قَاتلهم اللَّه أيَشْتُمون قوما - يَعْنِي الصَّحَابَة - أَسْلمُوا من مَخَافَة اللَّه ﷿، وَأسلم النّاس من مَخَافَة أسيافهم؟
أطع كُلّ أَمِير
وَقَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سَعْدٍ التِّرْمِذِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاش، عَنْ جَمِيلِ بْنِ مَالِكٍ الْحِمْصِيِّ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " يَا مُعَاذُ! أَطِعْ كُلَّ أَمِيرٍ، وَصَلِّ خَلْفَ كُلِّ إمامٍ، وَلا تَسُبَنَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِي ".
قَالَ القَاضِي: وَمَا ورد فِي هَذَا الْبَاب من الأخيار وَنقل الرِّوَايَات والْآثَار مِمَّا لَا يَتَّسِع استقصاؤه، وَيمْتَنع عَلَى رُوَاته جمعه وإحصاؤه.
كَيفَ يسب أحد أَصْحَاب النَّبِيّ
وَقَدْ حَدَّثَنَا أبي ﵁، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْن هَارُون، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بشر هَارُون بْن حَاتِم الْبَزَّاز، قَالَ: سمعتُ مُحَمَّد بن صبيح ابْن السماك، يَقُولُ: علمتُ أَن الْيَهُود لَا يَسُبُّون أَصْحَاب مُوسَى ﵇، وَأَن النَّصارى لَا يَسُبُّون أَصْحَاب عِيسَى ﵇، فَمَا بالك يَا جَاهِل سببت أَصْحَاب مُحَمَّد ﷺ، وَقَدْ علمت من أَيْنَ أتيت، لَمْ يشغَلْكَ ذنبُك، أَمَا لَو شَغَلَك ذنُبك لخِفْتَ رَبك، لقَدْ كَانَ فِي ذنْبِك شُغُل عَنِ المسيئين، فَكيف لَمْ يشغَلْك عَنِ الْمُحْسِنِينَ، أما لَو كُنْت من الْمُحْسِنِينَ لما تناولتَ الْمُسِيئين، ولرجوْتَ لَهُمْ أرْحم الرَّاحِمِينَ، وَلَكِنَّك مِن المسيئين، فَمنْ ثَمَّ عِبْتَ الشُّهَدَاء والصَّالحين، أَيهَا العائِبُ لأَصْحَاب مُحَمَّد ﷺ لَو نمت لَيْلَك وَأَفْطَرت نهارك لَكَانَ خيرا لَك من قيام ليلك وَصِيَام نَهارك، مَعَ سُوء قَوْلك فِي أَصْحَاب مُحَمَّد ﷺ، فويْحَك! لَا قيامَ ليلٍ وَلا صَوْم نهارٍ وَأَنت تتَنَاوَل الأخيار، فأبْشِر بِمَا لَيْسَ فِيهِ الْبُشرى إِن لَمْ تَتُب مِمَّا تسمع وَترى، وَيحك! هَؤلاءِ شرفوا فِي أُحُد، وهَؤُلاءِ جَاءَ الْعَفو عَنِ اللَّه تَعَالَى فيهم، فَقَالَ: " إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ التقى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَنْزَلَهُمْ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفا الله عَنْهُم " فَمَا تَقُولُ فِيمَن عَفا اللَّه عَنْهُم؟ نَحْنُ نَحْتجُّ بخليل الرَّحْمَن إِبْرَاهِيم، قَالَ: " فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي
1 / 376