336

Al-Jalīs al-ṣāliḥ al-kāfī waʾl-anīs al-nāṣiḥ al-shāfī

الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي

Editor

عبد الكريم سامي الجندي

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition

الأولى ١٤٢٦ هـ

Publication Year

٢٠٠٥ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

Regions
Iraq
فَهَذَا غَيْر مَهْمُوز، وقَالَ نَهْشَلُ بن حري فِي الْهَمْز:
تمنى نَئيشًا أَن يَكُون أَطَاعَنِي ... وَقَدْ حَدَثَتْ بعد الأُمُورِ أُمُورُ
وَقَدْ قَرَأت القرأة: " وأنى لَهُم التناؤش " بِالْهَمْز وَتَركه، وَنسب الصلولي شَيخنَا أَبَا جَعْفَر ﵀ إِلَى التَّصْحِيف فِي بَيت نَهْشَل، وَذكر أَنه رَوَاهُ تمنى حبيشٌ، وَجَرت بَيْننَا وَبَينه فِي هَذَا مُخَاطبَة قمعته بِحَضْرَة جمَاعَة مِنْهُم أولو علم وَمَعْرِفَة، وَلنَا فِي هَذَا رِسَالَة أوضحنا فِيهَا سُقُوط مَا أوردهُ الصولي وَحَكَاهُ، وضمناها من خطأ الصولي وَتَصْحِيفه وتعاطيه مَا لَا يُحسنهُ فِي مَوَاضِع من تأليفه، وَمن نَظَر فِي ذَلِكَ أشرف مِنْهُ عَلَى علم مُسْتَفَاد، وَبَيَان مستجاد، إِن شَاءَ اللَّه.
الْوَلِيد يتوله بِجَارِيَة نَصْرَانِيَّة
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن دُرَيْد، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَاتِم، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعُتْبِي، قَالَ: كَانَ الْوَلِيد بْن يَزِيد نظر إِلَى جَارِيَة نَصْرَانِيَّة من أهيأ النّاس يُقَالُ لَهَا سفرى، فجُنَّ بهَا وَجَعَل يراسلها وتأبى عَلَيْه، حَتَّى بلغه أَن عيدًا لِلنَّصَارَى قَدْ قرب، وَأَنَّهَا ستخرج فِيهِ وَكَانَ مَوضِع الْعِيد بستانٌ حَسَن، وَكَانَ النساءُ يَدْخُلْنه، فصانع الْوَلِيد صاحبَ الْبُسْتَان أَن يُدخله فَينْظر إِلَيْهَا فَتَابَعَهُ، وَحضر الْوَلِيد وَقَدْ تقشَّف وَغير حِلْيَته، ودخلتْ سَفْرى الْبُسْتَان فَجعلت تمشي حَتَّى انْتَهَت إِلَيْهِ، فَقَالَت لصَاحب الْبُسْتَان: من هَذَا؟ قَالَ لَهَا: رجلٌ مصابٌ، فَجعلت تمازحه وتضاحكه حَتَّى اشتفى من النّظر إِلَيْهَا وَمن حَدِيثهَا، فَقِيل لَهَا: وَيلك! تدرين من ذَلِكَ الرَّجُل؟ قَالَتْ: لَا، فَقِيل لَهَا: الْوَلِيد بْن يَزِيد فَإِنَّمَا تقشف حَتَّى ينظر إِلَيْك، فجُنَّتْ بِهِ بعد ذَلِكَ، وَكَانَت عَلَيْه أحرص مِنْهُ عَلَيْهَا، فَقَالَ الْوَلِيد فِي ذَلِكَ:
أَضْحَى فُؤَادُكَ يَا وليدُ عَمِيدَا ... صَبًّا قَدِيما للحسانِ صَيُودا
من حُبِّ واضحةِ العَوَارِضِ طفلةٍ ... برزت لنا نَحْو الْكَنِيسَة عيدا
مَا زلت أرمُقها بعينْي وامِق ... حَتَّى بَصُرْتُ بهَا تقبِّلُ عُودا
عودَ الصَّلِيب فَوَيْح نفسِي من رَأَى ... مِنْكُم صَلِيبًا مِثله مَعْبُودا
فسألتُ رَبِّي أَن أكونَ مكانَهُ ... وأكون فِي لَهب الْجَحِيم وقودا
قَالَ القَاضِي: لَمْ يَبْلُغْ مُدْرِكُ الشَّيْبَانِيّ هَذَا الْحَد من الخلاعة فِيمَا قَالَ فِي عَمْرو النَّصْرانُّي:
يَا لَيْتَني كنتُ لَهُ صَلِيبَا ... وكنتُ مِنْهُ أبَدًا قَرِيبا
أَبْصِرُ حُسْنًا وأشُمُّ طيبا ... لَا واشِيًا أخْشَى وَلا رَقِيبا
فَلَمَّا ظهر أمره وَعلمه النّاس، قَالَ:
أَلا حَبَّذَا سَفْرِي وَإِن قِيلَ إِنَّنِي ... كَلِفْتُ بنصرانيةٍ تَشْرَبُ الخمرا

1 / 340